وفي رواية لا تضارون كما في شرح الحنفي وفي شرح ابن الفرس ما ثبت في الصحيح من قوله عليه السلام إنكم سترون ربكم كما ترون هذا يعني القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته أي لا يحصل لكم في رؤية ربكم أي ظلمة ضيم ولا ضرر يمنعكم من ذلك انتهى فعلي هذا تكون الرواية الأولى بالمعني أو هي رواية أخرى ولأن موسى عليه السلام قد سأل ربه الرؤية بقوله رب أرني أنظر إليك فلو لم تكن ممكنة لكان طلبها جهلا بما يجوز في ذات الله تعالى وما لا يجوز وطلبا للمحال أو سفها أو عبثا بعد أن عرفه حق المعرفة والأنبياء عليهم السلام منزهون عن ذلك ولأنه علق الرؤية باستقرار الجبل أو استقراره أمر ممكن في نفسه والمعلق بالممكن ممكن لأن معناه الإخبار بثبوت المعلق عند ثبوت المعلق عليه والمحال لا يثبت على شئ من التقادير الممكنة قال العلامة رحمه الله في شرح العقائد وقد اعترض هذه بوجوه أقواها أن سؤال موسى عليه السلام كان لأجل قومه حيث قالوا لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فسأل ليعلموا امتناعها كما علمه هو وبانا لا نسلم أن المعلق عليه ممكن بل هو استقرار الجبل حال الحركة وهو محال وأجيب عنه بأن كلا من ذلك خلاف الظاهر ولا ضرورة في ارتكابه على أن القوم إن كانوا مؤمنين كفاهم قول موسى عليه السلام إن الرؤية ممتنعة وإن كانوا كفارا لم يصدقوه في حكم الله تعالى بالامتناع وأيا ما كان يكون السؤال عبثا والاستقرار حال الحركة أيضا ممكن بأن يقع السكون بدل الحركة إنما المحال اجتماع الحركة والسكون معا آه وحاصله أنه أجمع أهل الحق على وقوع الرؤية في الآخرة وأن الآيات والأحاديث الواردة محمولة على ظواهرها ثم ظهرت مقالة المخالفين وشاعت شبههم الفاسدة وتأويلاتهم الباطلة كقولهم إن الرؤية مشروطة بكون المرئي في مكان وجهة ومقابلة من الرائي وبثبوت مسافة واتصال شعاع وكل ذلك محال في حقه تعالى وأجيب مع ما تقدم بمنع هذا الاشتراط فإنه تعالى يرى لا في مكان ولا تدرك ذاته فإنه تعالى يتجلى لأهل الجنة ويريهم ذاته في حجاب صفاته لأنهم لا يطيقون رؤية ذاته بلا حجاب وقياس الغائب على الشاهد فاسد قال الإمام في الإحياء رحمه الله إن الرؤية نوع كشف وعلم إلا أنها أوضح وأتم من العلم فإذا جاز تعلق العلم به ليس في جهة جاز تعلق الرؤية من غير جهة وكما جاز أن يعلم بغير كيفية وصورة جاز أن يرى كذلك وما ذكروا من الشروط إنما هي في رؤية الموجودات المحسوسة وقياس الغائب عن الحس وهو الله تعالى على الشاهد في الحس فاسد ودليلهم من السمعيات
Página 42