وقد روي عن الشافعي رضي الله عنه في التفضيل هذه الأبيات:-
يقولون لي فضل عليا عليهم .... ولست أقول الدر خير من الحصا
إذا أنا فضلت الإمام عليهم .... أكون لمن فضلته منتقصا
أما هو عار في الحسام وسبة .... متى قيل هذا السيف أمضى أم العصا
وقد أجاد - رحمه الله تعالى - واستكمل الإحسان في هذه الأبيات
الغريبة، ولا ريب في محبته لأهل البيت عليهم السلام، ومدائحه فيهم ظاهرة، وسوف يعرض من الكلام ما يكون أليق بذكره نبذة من ذلك إن شاء الله تعالى.
[ما يعامل به]
* وأما المطلب الثالث: وهو في بيان ما يعامل به صاحب هذه المقالة: فالذي يعامل به يختلف فيه الحال، فحين يظهر منه الاستخفاف بمذهب العترة النبوية، وتضعيف أقوالهم، واستركاك كلامهم في هذه المسألة، وما يتعلق بها، ونسبة الخطأ إليهم في أقوالهم ومذاهبهم، فإنه يجب الإنكار عليه، ومنعه من التدريس بهذا التلبيس، وللإمام والحاكم وأهل الولايات العامة النظر في أمره بما يرونه مصلحة من أنواع التأديبات، ويستحب مراجعته بالتي هي أحسن حين يرجو رجوعه إلى الحق، وتجوز الغلظة عليه في الكلام حين الأياس من ذلك، ولا يجوز لعنه ولا سبه ما لم يظهر من قوله ما يوجب شيئا من هذه الأمور.
إن قلت: يلزم هذا الحكم في علماء المعتزلة، قلت: لا سواء ؛ لأن علماء المعتزلة وإن ذهبوا إلى تصويب المتقدمين على أمير المؤمنين، فلم يظهر على أحد منهم نسبة الخطأ إلى العترة المطهرة ولا استهانة بأقوالهم، وأكثر ما ظهر منهم الحجاج والجدال في المسألة، كما هو دأب العلماء.
ووجه آخر وهو أن من نبغ في بحبوحة بلاد الزيدية مسفها لحلومها، مخطئا لعلومها، مصوبا لخصومها، مهجنا لأئمتها، مزيفا لأدلتها، متركا لأقوالها، منهوما بخلالة أحوالها، فإنه مخالف لغيره مما ليس على هذه الصفات الذميمة، والطرائق غير المستقيمة.
Página 64