الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي الْحِسْبَةِ عَلَى الْعَطَّارِينَ
غُشُوشُ الْعِطْرِ كَثِيرَةٌ - مُخْتَلِفَةٌ أَيْضًا - لِاخْتِلَافِ أَجْنَاسِ الطِّيبِ وَأَنْوَاعِهِ، وَتَجَانُسِ الْعَقَاقِيرِ الطِّبِّيَّةِ وَتَقَارُبِهَا (^١) فِي الرَّائِحَةِ. وَسَأَذْكُرُ مِنْ ذَلِكَ مَا اشْتَهَرَ غِشُّهُ وَصَنْعَتُهُ، وَأُعْرِضُ عَمَّا خَفِيَ غِشُّهُ وَصَنْعَتُهُ، وَلَا يَتَعَاطَاهُ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُمْ (^٢) يَعْمَلُونَ نَافِجَةَ (^٣) الْمِسْكِ مِنْ قُشُورِ الْأَمْلَجِ (^٤) والشيطرج (^٥) الْهِنْدِيِّ، وَمِثْلُهَا شادوران (^٦)، وَيَعْجِنُونَهُ بِمَاءِ صَمْغِ الصَّنَوْبَرِ، وَيَجْعَلُونَ مَعَ كُلِّ أَرْبَعَةِ (^٧) دَرَاهِمَ مِنْ هَذَا دِرْهَمُ مِسْكٍ، وَيَحْشُونَ بِهِ النَّافِجَةَ، وَيَسُدُّونَ رَأْسَهَا بِالصَّمْغِ، ثُمَّ يُجَفِّفُونَهَا عَلَى رَأْسِ تَنُّورٍ.
وَمَعْرِفَةُ غِشِّهَا - وَسَائِرِ غُشُوشِ النَّوَافِجِ - أَنْ يَفْتَحَهَا [الْمُحْتَسِبُ] وَيَلْثِمَهَا، كَالْمُتَحَثِّي لِلشَّيْءِ، فَإِنْ طَلَعَ إلَى فِيهِ لِلْمِسْكِ (^٨) حِدَةٌ كَالنَّارِ، فَهُوَ فَحْلٌ لَا غِشَّ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ بِالضِّدِّ فَهُوَ مَغْشُوشٌ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْمَلُ نَافِجَةً مِنْ الْأَمْلَجِ والشادوران الَّذِي قَدْ نُزِعَ صِبْغُهُ بِالْمَاءِ الْحَارِّ،
_________
(^١) في س "تقاويها"، والتصويب من سائر النسخ الأخرى.
(^٢) في س "فانهم"، وما هنا من النسخ الأخرى.
(^٣) النافجة - وجمعها نوافج - الجلد الذي يجتمع فيه المسك (Vessie de musc) . انظر لسان العرب، وكذلك (Dozy: Supp، Dict: Ar) . والمسك مادة تؤخذ من حيوان خاص يوجد بالتبت والصين والهند الصينية وجزائر سيلان وجاوه واليابان، ومسك التبت أطيب أنواع المسك رائحة، وهو إلى جانب فائدته العطرية كان يستخدم في معالجة المصابين بالخفقان وضعف القلب. (ابن سينا: القانون، جـ ١، ص ٣٦)، وكذالك. (٦٤٠ - ٦٣٦ Heyd: Op. Cit. II. pp) .
(^٤) الأملج شجر ينمو ببعض أقاليم الهند، وثمرته تشبه الكمثرى الصغيرة، وكانت تستخدم في العقاقير. (النويري: نهاية الأرب، جـ ١٢، ص ١١٢، حاشية، ٢، وكذلك لسان العرب).
(^٥) الشيطرج نبات هندي ينمو في القبور والحيطان العتيقة، وهو ناضر دائما، وله رائحة حادة جدا. (ابن سينا: القانون، جـ ١، ص ٤٣٤).
(^٦) الشادوران حجر أسود براق، وهو يتكوّن في تجويفات أصول الأشجار العتيقة مثل الجوز، فإذا قطعت الشجرة وجد في وسطها؛ ويوجد ببعض أقاليم الهند. (النويري: نهاية الأرب، جـ ١١، ص ٣١٧، حاشية، ١).
(^٧) وردت هذه المقادير في س بالأرقام فقط، بدون تمييز، وما هنا من ص، م، هـ.
(^٨) في س "ذاك المسك"، وما هنا من سائر النسخ الأخرى.
1 / 48