لا أجد سبيلا إلى التعبير عنه بيد ولا لسان، ولقد بلغني أن عبيد الله بن سليمان ذكرني بجميل، فحاولت أن أكتب إليه رقعة أشكره فيها، وأعرض ببعض أموري، فأتبعت نفسي يومًا في ذلك، فلم أقدر على ما أرتضيه منها، وكنت أحاول الإفصاح عما في نفسي، فينصرف لساني إلى غيره اهـ بل لو شئت لقلت إنه ما أفسد على المتنبي وأبي تمام كثيرًا من شعرهما، ولا على المعري كثيرا من منظومه ومنثوره، ولا على الحريري مقاماته، ولا على ابن دريد مقصورته إلا غلبة اللغة عليهم واستهتارهم بها، وشغفهم بتدوينها في كل ما يكتبون، فقد كانوا هم وأمثالهم من حبائس اللغة وأنضائها في كثير من مواقفهم يؤلفون ويدونون، من حيث يظنون أنهم ينظمون أو يكتبون، ولا تزال نفسي تشتمل على لوعة من الحزن لا تفارقها حتى الموت، كلما ذكرت أن الأدب العربي كان يستطيع أن يكون خيرًا مما كان لو أن الله كتب للزوميات المعري النجاة من قبضة اللغة وأسر الالتزام، وإنك لا تكاد ترى اليوم من شعراء هذا العصر، وكتابه الذين يأخذون بزمام هذا المجتمع العربي ويقيمون عالمه، ويقعدونه بقوتهم القلمية في شؤونه السياسية والاجتماعية والأدبية كافة من يعد من حفاظ اللغة العربية، وثقاتها أو من يسلم له مقال من مأخذ لنحوي أو مغمز
1 / 35