الله من جماعة القراء، ولا أحفظ للحديث من الفقهاء، ولا أقل منهم إلماما بالأدب، ولا أبعد منهم عنه مكانا، وأما اللغة فما عرفنا بين المتقدمين والمتأخرين من رواتها وحفاظها والمتوفرين على تدوينها وتحقيقها والمنقطعين لدرس قواعدها، وفنونها من عرفت له البراعة والتفوق في تحبير الرسائل أو قرض الشعر أو القوة القلمية في التصنيف في غير ما أخذوا أنفسهم به، وكان الخليل بن أحمد إذا سئل عن نظم الشعر قال: يأباني جيده وآبى رديئه، وكان الأصمعي يحفظ ثلث اللغة، وأبو زيد الأنصاري يحفظ نصفها وأبو مالك الأعرابي يحفظها كلها، وكذلك كان شأن النضر بن شميل وأبي عبيدة وابن دريد والأزهري والصاغاني وابن فارس وابن الاثير صاحب النهاية، والجوهري والفيروزبادي، وأمثالهم من علماء اللغة والنحو، وما سمعنا لواحد منهم في إحدى الصناعتين شيئا مذكورا، وقال أبو العباس المبرد في بعض أحاديثه: لا أحتاج إلى وصف نفسي مشكلة إلا لقيني بها، وأعدني لها فأنا عالم ومتعلم وحافظ ودارس لا يخفى علي مشتبه من الشعر والنحو والكلام المنثور والخطب والرسائل، وربما احتجت إلى اعتذار من فلتة أو التماس حاجة فاجعل المعنى الذي أقصده نُصب عيني ثم
1 / 34