وانقطاع سبيله بهما حتى أصبحت زوجا لغيره وأصبح من بعدها هائما مختبلا يرمى بنفسه المرامي ويقذف بها في فجاج الأرض ومخارمها حتى بلغ منزلها ذات يوم فتنكر حتى زارها وهو يظن أن زوجها لا يعلم من أمره إلا أنه أحد الأضياف الغرباء، فلما علم أنه يعرف حقيقة أمره وأنه على ذلك لا يتهمه ولا يتنكر له عزم على الانصراف حياء منه، وقال لها يا عفراء أنت حظي من الدنيا وقد ذهبت فذهبت دنياي بذهابك فما قيمة العيش من بعدك، وقد أجمل هذا الرجل عشرتي واحتمل لي ما لا يحتمله أحد لأحد حتى استحييت منه، وإني راحل من هذا المكان، وإني عالم أني أرحل إلى منيتي، وما زال يبكي، وتبكي حتى انصرف، فلما رحل نكس بعد صلاحه وتماسكه وأصابه غشى وخفقان فكان كلما أغمى عليه ألقى على وجهه خمارا لعفراء كانت زودته إياه، فيفيق حتى بلغ حيَّه، وأمسك عاما كاملا لا يسمع منه سامع كلمة، ولا أنَّة حتى بلغ منه اليأس فسقط مريضا، فمر به بعض الناس فرآه ملقى بجانب خبائه فسأله هما به فوضع يده على صدره، وقال:
كأن قطاة علقت بجناحها ... على كبدي من شدة الخفقان
ثم شهق شهقة كان نفسه فيها، فلما بلغ عفراء خبره قامت إلى زوجها وقالت له، قد كان من خبر ابن عمي ما كان وقد مات
1 / 20