[وصف ما حل بالبيت الحرام بسبب الأمطار]:
وكان ذلك لمطر غزير، وسيل كبير (١)، دخل الكعبة وعلا عن قفلها نحو ذراع، وذلك في عصر يوم الأربعاء تاسع شهر شعبان سنة تسع وثلاثين وألف -بتقديم الفوقية -[١٠٣٩ هـ].
وكان سقوط ما ذكر من البيت المكرم، في عصر يوم الخميس التالي لليوم المقدم، فعُلّقت من البساتل (٢) الثلاثة اثنان. فالذي يلي الحِجْر بثلاث قوائم قائمة رأي العيان: واحد بجانب الدعامة، وآخران في الجانبين تحصيلًا للسلامة. والبستل الوسط علق بقائم من جانب الجدار الغربي.
وبُرِّح (٣) ما كان في الحجر والمطاف من أحجار البيت الحرام، والجبس والجير اللذين كان بهما البناء التام، وأخذ الرخام الذي كان في تلك الجدر الكريمة، وجمع أولًا في مقام الحنفي ثم جمع في حجرة مقابلة له وسيمة، وجمعت القضب النطاق وجمعت في خزانة المال لصق سقاية العباس (٤)، وكان الشروع
_________
(١) قال باسلامة: وجرى منه في آخر يوم الأربعاء سيل عظيم لم تر العين مثله ... ودخل المسجد الحرام وملأ غالبه، ودخل الكعبة المشرفة من بابها ووصل إلى نصف جدارها، وبلغ في الحرم إلى طوق القناديل، ودخل بيوت أهل مكة المكرمة وأخرج الأمتعة وذهب بها إلى أسفل مكة، ومات بسبب ذلك داخل المسجد الحرام وخارجه خلق كثير. قال ابن علان: وخرص من مات فيه في النهار والليل نحو ألف إنسان ... تاريخ الكعبة: ٧١، ٧٢، منائح الكرم: ١/ ٦٥ - ٦٧.
(٢) لعلها لفظة فارسية. وفي "التاريخ القويم"، للكردي ٣/ ٢١٢ نقلًا عن "إنباء المؤيد الجليل" قوله: ونقل ما فيها -أي الكعبة- من القناديل إلى بيت السادن، وعلق باقي أخشاب سقفه خوفًا عليه من السقوط. انتهى.
(٣) برح الشيء: وضع في مكان ظاهر أو بارز، من الأرض البراح: أي الظاهرة البارزة.
والبراح: الظهور والبروز. لسان العرب: مادة (برح).
(٤) قال باسلامة بعد أن ذكر حوادث يوم الجمعة ٢١ شعبان وأن الذي صلَّى بالناس يومها فايز بن ظهيرة القرشي: ثم بغد الفراغ من الصلاة شرعوا في رفع الحجارة التي سقطت من الكعبة =
1 / 36