De la Transmisión a la Creación (Volumen 2 La Transformación): (1)
من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (١)
Géneros
وبالإضافة إلى اللغة العربية والشعر العربي تبرز العلوم النقلية أكثر مما تبرز العلوم العقلية النقلية. فلا يحيل الإخوان إلى فلاسفة الإسلام السابقين عليهم الكندي، والرازي، خاصة وأن الرسائل تعبر عن صورة الفلسفة في النصف الثاني من القرن الثالث الهجري بعد عصر الترجمة. والفارابي تال لهم. ربما لأنهم يعبرون عن الثقافة الفلسفية الشعبية وليست الثقافة النخبوية التي يمثلها الفلاسفة، تجمع بين الدين والفلسفة، العقل والخرافة، العلم والأسطورة، باستثناء ذكرهم الرياضي واحد هو الكبال الذي شغف بحساب المتسعات. لذلك يقترن الحكماء بالفقهاء، والوافد بالموروث النقلي. بل إنهم يردون على علماء الزمان الناظرين في علوم النجوم، الشاكين في أمر الآخرة، المتميزين في أحكام الدين، الجاهلين بأسرار النبوات، المنكرين للبعث والحساب لإثبات صحة أمور إلهية من صناعتهم والاحتجاج عليهم بعلومهم لإفهامهم ذلك بلغتهم. فالإخوان يمثلون حركة إيمانية، رد فعل إلى الداخل، حنبلية صوفية، شعبية خرافية. ولكنهم يخاطبون الخصوم بلغتهم رد فعل على العصر. يمثلون تيارا في الفنون الشعبية والموسيقى والألحان في الأفراح والأعراس والولائم السائدة في زمانهم.
84
ولكن العلم الموروث بالأصالة هو علم الرواية والأخبار، بدايات علم التاريخ. إذا كانت الأخبار غير متواترة قبل سمع الخبر أو في الأثر لعدم الجزم بصحة الرواية ونقل الحديث معنويا إذا كان مشكوكا في صحته التاريخية. يأتي العلم عن طريق الرواية والحكاية مثل الحديث عن التنجيم والمنجمين مع المأمون وأحد المتنبئين الذي قرأ الطالع؛ حيث وقعت الشمس والقمر في دقيقة واحدة في الصحن، وخاتم يضحك من يلبسه لعلاج الطلسمات. فالتاريخ المحلي ليس فقط تاريخ الصحابة بل تاريخ السحر، حكاية من المأمون في صيغة رواية من علم الحديث، وخطورة السحر في التنبؤ في حين أن لا يعلم الغيب إلا الله. وشرط العلم شيوعه وبرهانه وعموميته والسحر ليس كذلك. وقوانين الطبيعة والجهل ليس علما. وهي نفس أسطورة الخاتم لمقابلة أسطورة أفلاطون. ويستمر الاستشهاد بالتاريخ من الأمويين إلى العباسيين الذين خطبوا على المنابر وطالبوا بثأر الحسين وطرد البغاة من بني مروان حتى ظهور المهدي المنتظر من آل محمد، وأولاد العباس رمز للاضطهاد. ويهاجم الإخوان جماعة جعلت التشريع والعلوية ستارا لهم لارتكاب كل محظور وترك كل مأمور، وهم ينتسبون إلى التشيع بأجسادهم لا بأرواحهم، ولا يعرفون من القرآن إلا اسمه، ومن الإسلام إلا رسمه. لا يدرون الفقه ولا الشريعة، بعيدون عن أدلة الملة والشيعة.
85
ولا تغيب الثقافة الفارسية، لغة ومصنفات؛ إذ تحضر بعض المصطلحات الفارسية والمصنفات الفارسية في الرسائل نظرا لارتباط التشيع بها، وتذكر كليلة ودمنة، وبرزويه الطبيب استشهادا على أن العمل في الطبيعة لله، وأن الدنيا للآخرة في إطار التصور العام للموروث، فكما يزرع الزارع ويحصد، رغب أم لم يرغب كذلك يعمل العامل صالحا رغب في الجزاء أم لم يرغب.
86
وتتحول الأخبار إلى تاريخ، ويذكر الإسلام كعنوان عام للتاريخ الإسلامي، دخول الإسلام طوعا أو كرها مع أنه
لا إكراه في الدين . ويتصدر علي بن أبي طالب التاريخ الإسلامي باعتباره مصدرا للعلم؛ إشارة إلى الأقلية عددا الأعظم قدرا، الحريصين على العلم، الباحثين عن اليقين. وهم الذين خلوا للأبد من دار الرداء، من الأصلاب إلى الأرحام، ومن الأرحام إلى الدنيا، ومن الدنيا إلى البرزخ، ومن البرزخ إلى الجنة النار.
87
ويبدأ التاريخ من أول النبي ودعوة الرسول آل بيته أولا، زوجه خديجة، ثم ابن عمه عليا ثم صديقه أبا بكر ثم مالكا وأبا ذر وصهيبا وبلالا وسلمان وحييرا وبشارا حتى أصبحوا تسعة وثلاثين رجلا وامرأة. ثم دعا أن يعز الله الإسلام بأحد رجلين أبي جهل أو عمر. فأسلم عمر وأصبحوا أربعين. فأصبحت الدعوة علنية بداية بتأسيس الحزب الثوري تاريخيا، الجيل القرآني الفريد بلغة المعاصرين، كان أبو جهل قويا مثل عمر لكن في الشر، والاستجابة لعمر تضع قضية الصلاح والأصلح. والاكتمال إلى الأربعين رمز موسى. هاجر الرسول من مكة إلى المدينة. وتعرض المشركون من أهل مكة إلى المؤمنين المهاجرين الضعفاء بالأذى. وإخوان الصفا ما هم الاستمرار لجماعة المضطهدين الأوائل. وفي غزوة بدر طالب المشركون المبارزة فخرج إليهم حمزة عمه وعلي وأبو عبيدة. ويوم أحد اشتد الأمر وهزم الناس. وبقي في نفر يسير. ولما قتل خيار أنصاره وفضلاء المهاجرين وكسرت رايته طلب منه الدعاء على المشركين فرفض، وخرجت إحدى نساء المدينة للتعرف على زوجها ثم أبيها ثم أخيها. وقد استشهد الكل وفي بقاء الرسول عوض عنهم. فالمهم الشخص الرمز، القائد والبطل. فالزعامة له والقيادة للأقلية. وقد خدع كل من الحكمين صاحبه يوم صفين. ولم يرد كلاهما إصلاحا، بل أضمرا الحيلة فلم يوفقا في الصلح. ورجع علي غير راض بذلك. فالخداع في التاريخ. وقد أثر ذلك في التربية والرغبة في الثأر. وقد وصفه الرسول بأنه أبو هذه الأمة، ويحول الإخوان كل ذلك من الجهاد الفعلي إلى جهاد النفس لخلاص البدن، وتأكيد الأبوة النفسية للرسول ولعمر ولعلي. وكان ذلك كله بفعل المسلمين وليس قضاء وقدرا. سلم المسلمون أجسادهم يوم كربلاء راضين. ويفسر الإخوان التاريخ الإسلامي الأول باعتباره تاريخ فتوحات للنفس وخلاص لها من البدن. فقد قتل عثمان بالرغم من رغبة عبيده الدفاع عنه. فقد بشره الرسول بأنه ولي هذه الأمة بعد عمر ووعده بالبلوى وبإراقة الدم. ورفض عثمان ذلك ووعد من كف عن القتال بالحرية رفضا للعنف بالرغم من أفعاله التي كانت أحد أسباب الثورة عليه، وأخذ المصحف في حجره وقرأ في
Página desconocida