Nakabat
النكبات: خلاصة تاريخ سورية منذ العهد الأول بعد الطوفان إلى عهد الجمهورية بلبنان
Géneros
سكنت مراجل الفتن بعد كسرة جان بولاذ وسفر فخر الدين إلى إيطالية، ولكنها عادت تغلي عندما رجع الأمير بعد خمس سنوات، وقد حالفه كوسموس الثاني كبير دوجات طسقانية، فاستولى المعني بمساعدة الأسطول الطسقاني على ساحل سورية، واستأنف الحرب في سبيل الاستقلال، فاستظهر والي دمشق ببني سيفا وبني حرفوش، فحملوا على المعني (1033ه/1623م)، فواقعوه في عين الجر (عنجر) وكانوا مغلوبين.
قويت كلمة فخر الدين وعظم شأنه في البلاد، فأرسلت عليه الدولة جيشا من الأناضول، تشفعه بأسطول للاستيلاء على السواحل، فكسر الثائر المعني الجيش العثماني في وقعتين قرب صفد، ثم انكسر في وادي التيم، وكان الأسطول بمساعدة بنو سيفا وغيرهم من أعداء فخر الدين، قد استولى على الساحل فتشتت المعنيون.
ومن عادات الأمير المعني أن يختفي، فاختفى بعد وقعة وادي التيم، ثم سلم نفسه إلى الوزير العثماني، فأرسله إلى الآستانة، فسمع السلطان مراد الرابع عذره في محاربة أعدائه وعفا عنه، إلا أنه أبقاه هناك أسيرا، ثم أمر بقطع رأسه، وبخنق ابنه الأكبر، ووهب أملاكه إلى والي دمشق.
أما السبب في قتله بعد العفو عنه فهو غامض بعض الغموض، بيد أن الحوادث التي تلت التسليم لا تدل على شيء من الحكمة أو من حسن النية في الدولة.
بعد أسر فخر الدين أمرت على لبنان عدوه علي بن علم الدين اليمني، فبادر هذا إلى التنكيل بآل معن وبني تنوخ أنصارهم، وضبط أرزاقهم (إنما تاريخنا سلسلة من النكبات والانتقامات)، فقام من المعنيين الأمير ملحم يثأر لأهله، فوقعت الحرب بين القيسية واليمنية، حرب العصبيات التي أرادت الدولة أن تثيرها، ثم سمعت شكاوى الناس دامعة العين، وبما أنها لم تتمكن من القبض على الأمير ملحم، قتلت نسيبه الكبير الأمير فخر الدين.
هو فخر الدين الكبير، علم الوطنية الحقة ومشعالها الأوحد في تاريخنا الحديث. •••
وكان في ذلك الزمان متوليا بدمشق درويش الشركسي الذي بكت من مظالمه الناس.
ومن الشركسي هذا إلى أسعد باشا العظم ثالث ولاة الشام من هذا البيت، مائة سنة ونيف (1638-1744م) من الويلات والنكبات، أعد منها ولا أعددها.
وفي سنة 1675 أحرقت قرى البترون، ثم في السنة التالية أحرقت بلاد جبيل وخلت من سكانها.
وأمر والي طرابلس ابن حمادة بإحراق وادي علمات وقرى جبة المنيطرة.
Página desconocida