Nakabat
النكبات: خلاصة تاريخ سورية منذ العهد الأول بعد الطوفان إلى عهد الجمهورية بلبنان
Géneros
فما كاد ينتهي القرن السادس عشر حتى سمعت في ذاك الليل الدامس أصوات المظلومين، ولمعت سيوف الزعامات الوطنية. نعم، خرج الناس على الحكم العثماني، ولكنهم كانوا مدحورين؛ لأنهم لم يكونوا متحدين متضامنين.
فقد حارب أمراء الإقطاعات في لبنان بعضهم بعضا، وكانت في السنة الأخيرة من القرن السادس عشر وقعة نهر الكلب، بين ابن معن العربي وابن سيفا الكردي، فانكسر ابن سيفا وتشتتت جنوده، واستولى فخر الدين المعني، الذي كان في طليعة الخوارج، على بلاد كسروان وبيروت.
وكان قد ثار في حلب علي باشا جان بولاذ التركماني، فاستولى على قسم كبير من البلاد التي تليها، وظل مستقلا في حكمه سنتين، فجردت الدولة عليه جيشا كبيرا زحف إلى حلب، ففتحها وباع الأتراك عيال جان بولاذ بيد الدلال، فبيعت أمه بثلاثين قرشا، ثم مثلوا بألوف من المشاغبين وأتوا برءوسهم إلى الوزير.
وزحف هذا الجيش إلى دمشق، فقال الشاعر مؤرخا:
دخل الشام جيوش
كجمال قد رغوا
نهبوها في جمادى
أفحشوا أرخ طغوا
1016
وكان الأمير فخر الدين المعني قد ازداد شوكة في استيلائه على كثير من القلاع وتحصينها، فتعاون عليه ولاة دمشق وطرابلس وديار بكر وحلب، فجندوا جيشا كبيرا وحاصروه تسعة أشهر (1020ه/1062م)، فضاق ذرعا وهو لا يستطيع الدفاع ولا يريد التسليم، فاختفى، ثم هرب في السنة التالية إلى إيطاليا، تاركا الحكم في لبنان وما إليه لابنه علي.
Página desconocida