قوله: فهل يصح لعاقل أن يقول أن مشروعية ذلك للنجاسة فإنه مدفوع بالأدلة والضرورة والعقل .
أقول: أما الدفع بالأدلة النقلية فمسلم إن أراد بالمشار إليه غسل الإناء تنظيفا وغسل البدن والثياب من الدرن وما بعدهما وقد بينا وجه ذلك وأما الدفع بالضرورة والعقل، فلا يدعيه في هذا ا لمحل إلا مبرسم ولعل هذا المتعسف لا يعرف ما الضرورة وما العقل وأين محل الاستدلال بها وأنه لكذلك وإلا فأي داع إلى ذكرها هنا.
قوله: ومثل ذلك القول بالنهي منه - صلى الله عليه وسلم - عن تلطخ رأس المولود بالدم كما كانت الجاهلية تفعله وأمره بوضع خلوق مكان ذلك لا يلزم منه نجاسة الدم بل غاية ما فيه النهي عز مشابهة المشركين... الخ .
أقول: ونحن لم نستدل بهذه الرواية في تلك الرسالة على نجاسة الدم وإنما استدللنا بها على استقذار فظهر لك بحمد الله سقوط اعتراضه ولا ينافي الاستقذار ما فيه من الحكمة في عدم التشبه بأفعال أهل الجاهلية فإن الحكم تتعدد كيف وفي لفظ الرواية ما شعر بذلك وهو الأمر بوضع الخلوق مكانه فإنه لو لم يكن مستقذرا لما احتاج بعد الزوال إل وضع طيب مكانه.
ثم أطال الكلام بعده لكنه لم يذكر فيه دليلا غير رواية فيها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - احتجم وصلى ولم يتوضأ ولم يزد على غسل محاجمه وجوابه على فرض تسليم صحة الرواية أنه قد تقدم من قولكم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مخصوص بطهارة دمه وفضلاته، وقد تقدم بيانه وعلى هذا فغسله لمحاجمه إنما هو لأجل التنظيف عندكم فلا تعلق لكم به على قاعدة مذهبكم، ونحن لا نسلم صحة الرواية في ذلك، فلا حجة فيه .
قوله: ومع هذا فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يباشرون معارك القتال ومجاولة الأبطال في كثير من الأحوال ما هو من الشهرة بمكان أوضح من شمس النهار كوقعة بدر وحنين وأحد فلو كان خروج الدم ناقضا لما ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - بيان ذلك مع شدة الحاجة منهم إليه .
Página 44