وأما مذهبنا فيقضي أنه - صلى الله عليه وسلم - كغيره في ذلك وقد أمر بالغسل من الجنابة والتطهر من الأحداث والأخباث، { وثيابك فطهر } (¬1) وإنما ذكرت القول بغير مجاراة للخصم ولنا بعد تسليم الخصوصية الاستدلال بما عدا فعله - صلى الله عليه وسلم - من الأحاديث التي أوردناها في تلك الرسالة والتي سنذكرها في خاتمة هذا الاعتراض مع ما في الآية من الاستدلال وما عليه الإجماع والقياس الصحيح وقد عرفت وهن ما عوضت به فهي خالصة من المعارضة بعون الله وتوفيقه .
قوله: فاتضح بحمد الله أن الحديث ليس فيه إلا أمر علي رضي الله عنه بغسل مكان الدم وإن مالك بن سنان هو الذي ابتلع الدم ولم ينكر عليه - صلى الله عليه وسلم - حتى قال : له لن تسمك النار إلى أن قال ولا يلزمك من غسل الدم نجاسته لأن الشر ع قد أمر بغسل أشياء ليست بنجسه كغسل الإناء تنظيفا وغسل الثياب والبدن من الدرن وندب إلى الغسل في يوم الجمعة والعيدين والكسوفين ودخول الحمام ولبس الإحرام ودخول مكة والمدينة والتضلع بماء زمزم ..الخ .
أقول : أولا إن الحديث الوارد في غسله - صلى الله عليه وسلم - الدم عن وجهه ليس فيه أمر لعلي بالغسل، والرسول هو الذي تولى غسل ذلك عن وجهه ففي كلامه تبديل للرواية، وثانيا: أن اعتراضه بمندوبية الغسل ا لمذكور لا يقدح شيئا فيما استدللنا به لأن الأصل في أمر الشارع هو الوجوب ولا يعدل منه إلا بدليل، ودليل العدول في الأشياء ا لمذكورة ظاهر لا في غسل الجمعة ولذا ارتبك فيه قوم فقالوا بوجوبه تمسكا بالأصل علما منهم بأنه لا يترك إلا لدليل ولم يظهر لهم ما ظهر لغيرهم ولم يعب عليهم غيرهم التمسك به وقد أستدل هذا ا لمخلط بهذا الأصل في نجاسة لعاب الكلب لأمره - صلى الله عليه وسلم - بغسل الإناء منه سبعا، وكأنه نقض هنا ما أسسه هنالك أو يسلم ما ذكرناه .
¬__________
(¬1) المدثر:4.
Página 43