ويقول مجدي: ألست تحبين عمتي وهيبة يا ماما؟ - روحي من جوه.
وينظر مجدي إلى أبيه: وأنت يا بابا ألا تحب عمي فؤاد؟ - أنت تعرف. - أيرضيكما أن تزوجا ابنتهما لرجل لا يريد الزواج منها؟ أتعتبران أن هذا حبا أم كرها لعمتي وهيبة ولعمي فؤاد؟ ماذا كنتما تصنعان لو أردتما الانتقام منهما أكثر من ذلك؟ افرضا أنني وافقت من أجلكما ومن أجل الصداقة التي تربط بينكم، أيرضيكما هذا لإلهام نفسها؟ لو كان لكما بنت أترضيان لها هذا؟
وساد صمت مطبق ثم قال سويلم: في هذا الزمان الأب لا يستطيع أن يزوج ابنته فكيف يمكن أن يتدخل في زواج ابنه؟ نحن نربي ونكبر ثم لا رأي لنا بعد ذلك، نحن لا لزوم لنا، نحن نصنع فلوسا فقط، نحن عقليات أكل عليها الدهر وغسل يديه، ما دام الولد أخذ الشهادة فما حاجته إلينا، نقدم له المال بضع سنوات أخرى ثم يستغني عنا وعن مالنا جميعا، وإلى الجحيم آراؤنا وإلى ستين جحيم صلاتنا بالناس وحسبنا الله ونعم الوكيل، قومي يا نعمات نروح حجرتنا.
وتقوم نعمات وهي تقول: حسبي الله ونعم الوكيل، عين وأصابتنا والأمر لله من قبل ومن بعد، حسبي الله ونعم الوكيل.
الفصل العاشر
كان فرح هشام دردير وحمدي الفنجري بسيارة فكري أعظم من فرحته هو، ولم يدر سبب ذلك فحمدي عنده سيارة هو أيضا. - الليلة لا بد أن نحتفل بك. - الليلة سنسهر للصبح.
وصاح فكري: لا، كونا عاقلين، السيارة جديدة لو سهرت بها من أول ليلة يسحبها هو في صباح هذه الليلة، الأمور لا بد أن تكون بالعقل.
وقال هشام: هو ما قلت، تذهب معنا إذن إلى صديق لنا ونعرفك به. - صديق جديد؟ - عرفناه وأنت مشغول بالمذاكرة. - من هو؟ - ستعرفه، اصبر. لو تعرف ما فعلناه لأدركت أن أبواب السماء فتحت لك. - خيرا؟ - هيا بنا.
لم يكن بعيدا عن حياة الليل فقد طالما تعرف ببنات الهوى، ولكن ذلك في بيوت يعرفها أصدقاؤه، النفقة فيها يطيقها ما يناله من أبيه، وكان بذلك يظن أنه عرف من الحياة كل الحياة، وأن أحدا لا يستطيع أن يدري من شئون الدنيا أكثر مما يدري هو.
وكان بظنه هذا قانعا كل القناعة، وحين كان يسمع عن الكباريهات والأموال التي تنفق فيها كان تقديره أن هذه الحياة ما هي إلا ما عرف ولكن بصورة علنية، فالذين هناك لا ينفقون مما يجود به عليهم آباؤهم.
Página desconocida