فانتبهت وأكلت مع ابنيها ولم يزالوا بخير.
حكاية: أخبر بعض الأدباء قال حدثنا رجل من جيراننا أن الفضل مرّ في يوم صائف منصرفًا من المدينة يريد منزله فقلت له والله ما في منزلي قليل ولا كثير فعطس الفضل فقلت يرحمك الله وقد كان سمع يميني فأمر بعض غلمانه أن يحملني معه على دابته، فلما صار بي إلى قصره أخرج إليّ خمسة آلاف درهم وعشرة أثواب فانصرفت بها على
منزلي فقالت لي امرأتي والله لقد خرجت من عندنا وما تملك قليلًا ولا كثيرًا فمن أين صرفت هذا؟ قال فأعلمتها الخبر فلم تصدق قولي واستراب الجيران في حالي وتناهى الخبر إلى السلطان فطمع فيّ وحبسني فقلت له إنه كان من أمري كيت وكيت فرفع خبري إلى الفضل فأمر بإحضاري، فلما أحضرت ورآني عرفني وأمر بإطلاقي وأعطاني خمسة آلاف درهم وعشرة أثواب وقال تعهدنا ننفعك فلم يزل ينفعني حتى حدث من أمرهم ما حدث.
حكاية: أخبر بعض الفضلاء أن رجلًا كان ينزل بنهر المهدي وكانت عليه نعمة فزالت ولم يقدر على شيء فمطر الناس ثلاثة أيام متتابعة فبقي في منزله لا يقدر على الخروج فأضرّ به ذلك وأبلغ إليه الجوع وإلى عياله، فلما كان في آخر الليل جاء إلى بقال بقصعة ليرهنها عنده في خبز، فانتهره البقال وقال ما اصنع بها وأبى أن يعطيه عليها شيئًا. قال فعاد إلى منزله مغمومًا لا حيلة له فرفع يده إلى السماء وقال: اللهم سق إليّ في هذه الليلة عبدًا من عبادك تحبه يفرج عني ما أنا فيه فما شعر إلا والباب يدق فخرج فإذا رجل على حمار قد حفّ به خدم، فقال له كم عيالك؟ قال كذا وكذا فأعطاه كيسًا فيه نحو خمسة آلاف درهم، فقال الحمد لله الذي استجاب دعائي وفرج عني كربي، فقال له وما كان دعاؤك فأخبره الخبر بفعل البقال وما دعا الله ﷿ به فاستحلفه أنه دعا بهذا الدعاء فحلف به فأمر له بمائة ألف درهم، قال فسألت بعض أولئك الخدم عنه لأعلم هل يقدر الرجل على ما أمر لي به أم لا، فقال هو الفضل بن يحيى بن خالد البرمكي فسكتّ لذلك وانصرفت إلى منزلي، فلما أصبحت مضيت إلى قهرمانه فقبضت منه المال قلت إن الفضل حرّي بقول أبي تمام رحمه الله تعالى:
هو البحر من أيّ النواحي أتيته ... فلجته المعروف والجود ساحله
جواد إذا ما جئت للجود طالبًا ... حباك بما تحوي عليه أنامله
ولو لم يكن في كفه غير روحه ... لجاد بها فليتق الله سائله
1 / 39