(ز) التوقيع بديوان الإِنشاء:
وقد ذكر الصفدي أن السلطان المنصور حسام الدين لاجين، لما أُدخِل عليه ابن سيد الناس، احتفى به ورأى خَطه، وسمع كلامه فأمر بتعيينه في ديوان الإنشاء، فَرُتِّبَ في جملة الموقِّعين، ولكن الشيخ صعُب عليه الاستمرار في هذا العمل، فسأل الإعفاء من ذلك، فقال السلطان: إذا كان لا بد من ذلك، فيكون المعلوم له على سبيل الراتب، فَرُتِّب له إلى أن مات (١).
(ح) جهات أخرى:
وذكر الصفدي وابن حجر أيضًا أن الشيخ كان له راتب بصفد (٢) ولكن لم يذكرا لذلك وظيفة، بل قال الصفدي: وراتب في حَلَب فيما أظن (٣)، ولم يذكر له أيضًا وظيفة.
ولكن مع استعراض الوظائف المتقدمة والمحدد مكانها ونوع العمل فيها، نجد أنها ما عدا التوقيع الذي لم يستمر طويلًا، وخطابة الجمعة، كلها في الاشتغال بتدريس الحديث وعلومه، كما أشرت من قبل، وقد قال الذهبي: إن المؤلف قد تَخرَّج به جماعة (٤) وقال الصفدي: إنه حدث وأجاز (٥).
وهذا يفيد أنه كان يقوم من خلال تلك الوظائف بتدريس علوم الحديث، وروايته سواء من مؤلفاته أو من مؤلفات غيره كما أشرت من قبل، كما أن تخرج جماعة به، يدل على ملازمتهم له مدة، وتمرسهم بالفن على يديه، وحده أو مع غيره، بحيث يتوسم فيهم الكفاءة للإِفادة، كما هو مقتضى التخريج للطالب وإجازته، وهذا يعتبر من ثمار عمله بتلك الوظائف الحديثية، وسيأتي ذكرُ بعض نماذج ممن تخرج عليه في علم الحديث، كما أن مباحثاته ومحاضراته مع طلابه
_________
(١) الوافي بالوفيات ١/ ٢٩٢.
(٢) الوافي بالوفيات ١/ ٢٩٢، والدرر ٤/ ٣٣٣.
(٣) الوافي ١/ ٢٩٢.
(٤) الدرر ٤/ ٣٣٤.
(٥) الوافي ١/ ٢٩٢١.
1 / 47