وكان له حظ في الشهرة فاعتنى لشعره وكلامه وما ذهب إليه من المسائل جم غفير من الأعلام وتناقلوا ذلك إلى الآن [198-أ].
وسكن ب(ذمار) دهرا وصحبه جماعة من أهلها فهذبهم وحسن لهم النظر في كتب الرقائق، ومدح (ذمار) وأهلها بأبيات ذكرها ستأتي في ترجمة شيخنا الوجيه رحمه الله، وبالجملة فمحاسن صاحب الترجمة كثيرة؛ وكان رحمه الله نقادا حاذقا لبيبا ألمعيا بعيد الهمة شريف النفس، ولهذا لم يصف يضق له زمانه عن الإكدار كما يريده، ولم تساعده الأقدار مرامه البعيد فربما تحرم من دهره وذمه في عدم دخوله تحت طوع الطوع نهيه وأمره وستنظر مصداق ذلك فيما تسمع من شعره.
((وسكن أيضا بكوكبان لدى المولى أحمد بن محمد بن الحسين حين دعا إلى نفسه كما تقدمت الإشارة إلى ذلك، وخرج مع من خرج من الأعيان إلى (كوكبان) وأخذ عنه جماعة من العلماء وربما يمر في هذا شئ مما مدحهم (به) )) (1) .
[وفاته]
ولم يزل على حاله الحميد حتى توفاه الله تعالى في شهر ذي الحجة الحرام سنة ثلاث وسبعين ومائة وألف ب(بير العزب) ودفن في (خزيمة) -رحمه الله تعالى-؛ وله ديوان شعر جمعه المولى: محمد بن هاشم بن يحيى الشامي وبلغني أنه لم يستوف جميع أشعاره لعدم الظفر بها،وكذلك جمعه بعض أصحابه من الفقهاء في حياته وهو موجود بأيدي الناس.
[نماذج من شعره]
فمن شعره قوله:
لعمرك ما في الدهر يوم مسالم
ولافي الملا شخص من العيب سالم
فأي خطوب الدهر أنكر مسها
وفي كل حين للخطوب تراجم
فما كانت الدنيا نعيما وإنما
أهين بها لما عصى الله آدم
أتطمع في خفض من العيش رائع
ورفع ولم تعمل عليك الجوازم
فكم رام هذا من مليك متوج
مهيب تخافاه الأسود الضراغم
أطاع له شرق البلاد وغربها
وألقت إليه عربها والأعاجم
توهم أن قد نال منها مراده
فأيقضه صرف القضاء وهو نائم
فقد جرد الدهر الخؤن لحربنا
سيوف عنا تنبوا لديها الصوارم
إذا ما انتضاها لم يصب غير مقتل
Página 295