[في بيعة الحسن (عليه السلام)]
بويع في رمضان سنة أربعين، وأول من بايعه قيس بن سعد بن عبادة، وكان على مقدمة أهل العراق، وكانوا أربعين ألفا. وسار الحسن إلى الشام فكان مع قيس المذكور عشرة آلاف، ومع عبد الله بن العباس كذلك، ومع قثم بن العباس كذلك، ومع الحسين بن علي بن أبي طالب كذلك، وهؤلاء كانوا مقدمة عسكر الحسن، وكان مع الحسن مائة ألف فارس، ولما وصل الحسن إلى قنطرة ساباط وثب عليه الجراح الأسدي (1) فضربه على فخذه بمعول كان بيده وقال له: يا مذل المؤمنين، أتريد أن تلحد كما ألحد أباك من قبل؟
ونزل بالمدائن، وتداوى للضربة أربعين يوما، وبعث إليه معاوية بكيس مملوء من كتب أصحابه يتضمن: أنك إذا التقيتنا سلمنا الحسن بعنقه، وعلم الحسن أنهم يخذلونه، فأجاب معاوية للصلح، فكان معاوية يعطيه لذلك في كل سنة مائة ألف دينار غير الهدايا والتحف. وقيل: إنه اجتمع به وصالحه في شهر ربيع الأول سنة إحدى وأربعين. فمذهب الشيعة: أنه إمام منصوص عليه، فلا يجوز له أن يخلع نفسه، ولا صح عندهم أنه فعل ذلك. وقال الجمهور: إنه رأى من المصلحة حفظ نفسه وأهله فخلع نفسه من الخلافة طلبا لصلاح المسلمين، وأسقط حقه لله رب العالمين (2).
Página 93