Estudios en Lengua y Literatura
مطالعات في اللغة والأدب
Géneros
الدور المقطعي: وتدل فيه الصورة على أول مقطع من اسمها، أي إن الشكل الواحد بعد أن كان يدل على كلمة في الدور التصويري الأول استعمل في هذا الدور للدلالة على حرف وحركة معا، فصورة الحصان التي كانت تدل على حصان استعملت للدلالة على مقطع مؤلف من حاء مكسورة، وصورة الغراب التي كانت تدل على غراب استعملت للدلالة على مقطع مؤلف من غين مضمومة مثلا، ولعل كتابة الهمزة عندنا على الألف والواو والياء - فتفتح مع الألف بدون أن تكون هناك فتحة، وتضم مع الواو بدون أن تكون هناك ضمة، وتكسر مع الياء بدون أن تكون هناك كسرة - من الأشكال المقطعية. (4)
الدور الهجائي: استعملوا فيه المقاطع حروفا مستقلة، فصورة الحصان التي كانت تدل على حاء مكسورة مثلا في الدور المقطعي استعملت في هذا الدور للدلالة على الحاء الساكنة، وهو أقل الأدوار أشكالا وأسهلها استعمالا.
والفضل في وضع الحروف الهجائية راجع إلى الفينيقيين، وإذا كانت الكتابة هي الجسر الذي مرت عليه الإنسانية من الهمجية إلى المدنية، كان الفينيقيون أهم سبب في تمدن أكثر أمم الأرض، وإذا صح رأي فريق من المؤرخين أنهم من العرب أبناء إسماعيل بن إبرهيم كان للعرب اليد البيضاء - التي لا تؤدى - على الإنسانية جمعاء. •••
لا شك أن الكتابة في أدوارها الأولى كانت مقروءة من تلقاء نفسها، حتى في أول الدور الهجائي؛ لأن العلاقة بين الأصوات والنقوش الموضوعة لها كانت معقولة واضحة، فكان كل الناس قراء، ولكن تلك العلاقة لم تلبث في الدور الهجائي أن أخذت تخفى شيئا فشيئا إلى أن أصبحت دلالة النقش على الصوت اعتباطية، وعادت الحروف الهجائية لا تؤخذ إلا بالدرس، فانقسم الناس بسبب ذلك إلى أميين ومتعلمين. •••
الحروف المعروفة اليوم، أصلها فينيقي بدليلين: الأول؛ أن أسماءها لا تزال إلى اليوم فينيقية، بعضها بلفظه الأصلي، وبعضها بتصرف قليل، والثاني؛ أن أكثر أشكالها تكاد تشبه الأشكال الفينيقية. ولا شك أننا استعملنا الحروف الفينيقية بعينها لأول عهدنا بالكتابة، ثم مع توالي الأيام تغيرت حروفنا شيئا فشيئا حتى بعد الشبه بينها وبين الحروف الفينيقية، وليس من السهل تتبع هذا التغير؛ فنكتفي بالإشارة إلى شيء منه على قدر ما تيسر لنا من الأشكال عند الطبع.
من ذلك الألف والواو والياء؛ فقد كانت الألف في الأصل تكتب على شكل يشبه رأس ثور حسب أصل كتابتها في القلم الهيروغليفي، وكانت الواو والياء تكتبان على شكلين آخرين لم نوفق إلى صورة لكل منهما عند الطبع، فاستبدلوا أشكالها هذه بأشكالها المعروفة، والذي يخطر لنا أنهم راعوا في هذا الإبدال شكل الفم عند التلفظ بها، فجعلوا الألف خطا عموديا هكذا «ا»؛ لتكون فتحة الفم عمودية، وجعلوا الواو على شكل دائرة؛ ليكون الفم عند قراءتها مضموما، وهي تشبه حرف
o
الإفرنجية في الخط، إلا أننا زدنا لها ذنبا، ولعله كان قصيرا في أول عهده ثم طولناه حسب عادتنا من مشق الحروف ومطها في أواخرها عند الإسراع في كتابتها؛ بل إن الإفرنج أنفسهم يضعون مثل هذا الذنب لحرف
o ، ولكن الفرق بيننا وبينهم أن الذنب عندنا في ذيل حرفنا والذنب عندهم في رأس حرفهم، وجعلوا الياء على صورة دائرة مستطيلة عرضا لتكون على شكل الفم عند قراءتها، ثم فتحوها قليلا من الأعلى وجعلوا لها منقارا، ووضعوا نقطتين تحتها للتزيين أو ليميزوها عن غيرها. فإذا صح استنتاجنا كانت الألف والواو والياء من أدل الحروف على شكل الفم؛ بل كانت مقروءة من تلقاء نفسها.
ثم إن هناك أحرفا أخرى نقلوها عن شكلها الفينيقي إلى شكل آخر، صوروا به شكل الفم، وهي: الباء والتاء والثاء والنون، فإن الباء والتاء والثاء تشبه الفم المطبق، وهو يكاد يكون كذلك عند التلفظ بها، إلا أنه ينفرج قليلا جدا عند خروج الصوت، وقد كانوا يعتمدون في التمييز بينها على ما يقتضيه المعنى، ثم ميزوا بينها بالنقط، ولعلهم اختاروا أن تكون نقطة الباء من تحتها؛ إشارة إلى حركة الشفة السفلى عند التلفظ بها، ووضعوا للتاء نقطتين فوقها إما لمجرد التمييز وإما إشارة إلى إظهار سنين عند التلفظ بها، والنقط تشبه الأسنان. وميزوا الثاء بثلاث نقط؛ إشارة إلى إظهار طرف اللسان بين الأسنان العليا والسفلى. وأما النون فهي تشبه غار الفم، وقد جعلوا في وسطها نقطة؛ إشارة إلى التصاق طرف اللسان بأعلى الحنك عند التلفظ بها، وهي تشبه النون السامرية إلا أنهم يكتبونها بالطول هكذا
Página desconocida