ليقدمه إلى صاحبها الملك الناصر، وأنشد ابن سعيد الملك قصيدته التى مطلعها «١»
جد لى بما ألقى الخيال من الكرى ... لا بد للضّيف المسلمّ من القرى
قال ابن العديم: هذا رجل عارف، ورّى بمقصوده من أول كلمة، ويؤكد المعنى الذى قصده ابن العديم عن هذه الشخصية ما جاء فى بقية الخبر حين قال الملك له مداعبا: «إن شعراءنا ملقبون بأسماء الطيور. وقد اخترت لك لقبا يليق بحسن صوتك وإيرادك للشعر، فإن كنت ترضى به، وإلا لم نعلم به أحدا غيرنا، وهو البلبل. فقال [ابن سعيد]: قد رضى المملوك ياخوند، فتبسم السلطان: وقال له أيضا يداعبه! اختر واحدة من ثلاث: إما الضيافة التى ذكرتها أول شعرك، وإما جائزة القصيدة، وإما حق الإسم. فقال [إبن سعيد]؛ ياخوند، المملوك مما لا يختنق بعشر لقم لأنه مغربى، فكيف بثلاث؟! فطرب السلطان وقال: هذا مغربى ظريف، ثم أتبعه من الدنانير والخلع الملوكية والتواقيع بالأرزاق مالا يوصف» «٢» .
وإذا كان ابن سعيد قد عاش حياته بين متعته وعلمه فقد أراد ذلك أيضا حين قرر أن لا يتزوج حتى يفرغ تماما لهما. يقول «٣» .
أنا شاعر أهوى التخلّى دون ما ... زوج لكيما تخلص الأفكار
لو كنت ذا زوج لكنت منغّصا ... فى كل حين رزقها أمتار
دعنى أرح طول التغرّب خاطرى ... حتى أعود ويستقرّ قرار
كم قائل لى ضاع شرخ شبابه ... ما ضيّعته بطالة وعقار
إذ لم أزل فى العلم أجهد دائما ... حتى تأتّت هذه الأبكار
مهما أرم من دون زوج لم أكن ... كلّا ورزقى دائما مدرار
1 / 33