[حال الأناجيل]
حال الأناجيل: قدماء النصارى كافة وغير المحصورين من المتأخرين متفقون على أن الإنجيل المنسوب إلى متى كان باللغة العبرانية، وأنه فقد بسبب تحريف الفرق النصرانية، وبسبب الفتن العظيمة التي مرت على النصارى في القرون الثلاثة الأولى، وأما نسخة إنجيل متى الموجودة الآن باللغة العبرانية فهي مترجمة عن الترجمة اليونانية ولا يوجد عندهم سند هذه الترجمة، ولا يعرفون اسم المترجم ولا أحواله كما اعترف به جيروم، ولكنهم يقولون بالظن: لعل فلانا أو فلانا ترجمه، وبمثل هذا الظن لا يثبت استناد الكتاب إلى مصنفه.
وتوجد نصوص لأكثر من خمسين عالما تجمع على أن هذا الإنجيل المنسوب إلى متى والذي هو أول الأناجيل وأقدمها عندهم ليس من تصنيفه يقينا؛ لأن جميع كتب العهد الجديد ألفت باللغة اليونانية ماعدا إنجيل متى والرسالة العبرانية، فإن تأليفها باللغة العبرانية أمر يقيني بالأدلة القاطعة، ومتى هو الوحيد الذي انفرد من بين كتاب الأناجيل باستعمال اللغة العبرانية، فكتب إنجيله بها في فلسطين لليهود العبرانيين الذين كانوا ينتظرون شخصا موعودا من نسل إبراهيم وداود، ثم ترجمه المترجمون كل واحد على قدر فهمه واستطاعته، وأما متى فهو لم يترجم إنجيله لليونانية، والمترجم غير معروف من هو؟ أما باقي كتاب الأناجيل، فكتبوا باللغة اليونانية، ومن قال: إن متى كتب إنجيله باللغة اليونانية فقد غلط.
والمحقق نورتن كتب كتابا ضخما أثبت فيه أن التوراة جعلية وليست من تصنيف موسى ﵇، وأثبت فيه تحريفات كثيرة وقعت في الأناجيل،
1 / 26