كمالِ النيةِ في أولِ الصلاةِ، وخُلُوَّ أولِها عنِ النيةِ الواجبةِ.
وقد تُفسَّرُ بحضورِ جميعِ النيةِ معَ جميعِ أجزاءِ التكبيرِ، وهذا تُنُوزِعَ في إمكانِه؛ فمنهم مَن قال: إنه غيرُ ممكنٍ ولا مقدورٍ للبشرِ؛ فضلًا عن وجوبِه، ولو قيلَ بإمكانِه فهو مُتعسِّرٌ جدًّا؛ فيسقُطُ بالحَرَجِ.
ومما يُبطِلُ هذا والذي قبلَه: أنَّ المكبِّرَ ينبغي له أن يتدبرَ التكبيرَ ويتصوَّرَه، فيكونُ قلبُه مشغولًا بمعنى التكبيرِ، لا بما يشغَلُه عن ذلك منِ استحضارِ المنويِّ، ولأنَّها منَ الشروطِ، والشرطُ يتقدَّمُ العبادةَ، ويستمِرُّ حكمُها إلى آخِرِها؛ كالطهارةِ وغيرِها، واللهُ أعلمُ (^١).
والجهرُ بها وتكريرُها مَنْهيٌّ عنه، وفاعلُه مُسيءٌ، وإنِ اعتَقدَه دِينًا فقد خرَج عن إجماعِ المسلمينَ، يُعرَّفُ ذلك، فإن أصرَّ قُتِلَ، ويجبُ تعريفُه ذلك.
ولو قال: كلٌّ (^٢) يعملُ في دينِه ما يشتهي، فهي كلمةٌ عظيمةٌ، يجبُ أن يُستتابَ منها أيضًا.
فإن أصرَّ على الجهرِ بالنيةِ عُزِّرَ، وإن عُزِلَ عنِ الإمامةِ إذا لم يَنْتهِ؛ كان لعَزْلِه وجهٌ، فقد عزلَ النبيُّ ﷺ إمامًا لأجلِ بُزاقِه في القِبْلةِ. رواه أبو داودَ (^٣).
_________
(^١) ينظر أصل الفتوى من بداية الفصل إلى هنا في: جامع الرسائل، (المجموعة السابعة، ص ٤٧٧)، وتوجد بعضها في مجموع الفتاوى (٢٢/ ٢٢٩)، والفتاوى الكبرى (٢/ ٩٤)، إلا أن فيها بياضًا كبيرًا في أصل الفتوى.
(^٢) هكذا في (ع) و(ك)، وفي الأصل: كل من.
(^٣) رواه أحمد (١٦٥٦١)، وأبو داود (٤٨١)، من حديث السائب بن خلاد ﵁: أن رجلًا أمَّ قومًا، فبصق في القبلة، ورسول الله ﷺ ينظر، فقال رسول الله ﷺ حين فرغ: «لا يصلي لكم»، فأراد بعد ذلك أن يصلي لهم فمنعوه وأخبروه بقول رسول الله ﷺ، فذكر ذلك لرسول الله ﷺ، فقال: «نعم»، وحسبت أنه قال: «إنك آذيت الله ورسوله».
1 / 45