بَابُ النِّيَّةِ
مَحَلُّ النيةِ القلبُ باتفاقِ الأئمةِ الأربعةِ وغيرِهم؛ إلَّا بعضَ المتأخِّرِينَ أوجبَ التلفُّظَ بها، وهو مسبوقٌ بالإجماعِ، ولكن تنازعوا: هل يُستحَبُّ التلفُّظُ بها؟ معَ اتفاقِهم على أنَّه لا يُشرَعُ الجهرُ بها، ولا تَكرارُها:
فاستَحبَّ التلفُّظَ بها طائفةٌ من أصحابِ أبي حنيفةَ والشافعيِّ وأحمدَ.
ولم يَستحِبَّه آخرونَ من أصحاب مالكٍ وأحمدَ وغيرِهما، وهذا أقوى؛ فإنَّ ذلك بدعةٌ، لم يفعَلْها رسولُ اللهِ ﷺ ولا أَصحابُهُ.
وأمَّا مقارنةُ النيةِ للتكبيرِ؛ ففيها قولانِ مشهورانِ:
أحدُهما: لا يجبُ؛ كما هو مذهبُ أحمدَ وغيرِه.
والثاني: يجبُ؛ كما هو مذهبُ الشافعيِّ وغيرِه.
والمقارنةُ المشروطةُ: قد تُفسَّرُ بوقوعِ التكبيرِ عَقيبَ النيةِ، وهذا ممكنٌ لا صعوبةَ فيه، بل عامةُ الناسِ هكذا يُصلُّونَ، بل هو أمرٌ ضروريٌّ، ولو كُلِّفوا تَرْكَه لعجَزوا عنه.
وقد تُفسَّرُ بانبساطِ أجزاءِ النيةِ على أجزاءِ التكبيرِ؛ بحيثُ يكونُ أولُها معَ أولِه، وآخِرُها معَ آخرِه، وهذا لا يصحُّ؛ لأنَّه يقتضي عزوبَ
1 / 44