1927: Selecciones narrativas de Ryunosuke Akutagawa
١٩٢٧: مختارات قصصية لريونوسكيه أكوتاغاوا
Géneros
من حين لآخر يأتي إلى غرفة الانتظار أحد الحراس بوجه متجهم تماما، وينادي بصوت رتيب ليس به أقل القليل من التنغيم على أرقام من أتى دورهم في الزيارة، ولكنني مهما انتظرت وانتظرت لم يناد على رقمي بسهولة. مهما انتظرت وانتظرت ... لقد كانت الساعة وقت دخولي من بوابة السجن العاشرة تقريبا، وتشير ساعتي الآن إلى الواحدة إلا عشر دقائق.
وبالتأكيد بدأت أشعر بالجوع، ولكن ما لم يكن محتملا هو برودة هذه الغرفة التي ليس بها أي أثر للتدفئة. كنت أكتم مشاعر الغضب وأنا أهز ساقي بلا توقف، وعلى غير المتوقع بدا أن أغلب الزائرين كثيرو العدد لا يبالون. بصفة خاصة الرجل الذي يرتدي معطفين فوق بعضهما البعض ويبدو وكأنه مقامر لا يحاول قراءة جريدة واحدة، بل هو مستمر فقط في أكل اليوسفي بتمهل.
ولكن تدريجيا قل عدد الزائرين الكثير في كل مرة يأتي الحارس لاستدعاء أحدهم، وأخيرا خرجت من غرفة الانتظار، وبدأت أمشي في الحديقة المغطاة بالحصى. لا شك أن أشعة شمس الشتاء كانت تسقط علي، ولا ريب كذلك أن الرياح التي علت فجأة قد أثارت الغبار الخفيف على وجهي، وبطبيعة الحال بت عنيدا تلقائيا، وقررت ألا أعود إلى غرفة الانتظار حتى تصبح الساعة الرابعة.
لسوء الحظ لم يناد على اسمي حتى بعد أن صارت الساعة الرابعة. ليس هذا فقط، بل لقد بدا أن عددا ممن جاءوا بعدي نودي عليهم، وفي آخر الأمر لم يبق أحد تقريبا. أخيرا رجعت إلى غرفة الانتظار، وبعد أن انحنيت لتحية الرجل الذي يبدو أنه مقامر تناقشت معه في حالتي، ولكنه لم يبد حتى ابتسامة، وأجاب فقط بصوت قريب من لهجة أهل أوساكا قائلا: «لأنهم
ولا ريب أن كلماته تلك أصابتني بقلق مؤكد، فقررت أن أسأل الحارس الذي جاء لنداء أرقام جديدة هل سأستطيع زيارة ابن عمي، ولكن علاوة على أن الحارس لم يجب مطلقا على سؤالي، رحل دون حتى أن ينظر إلى وجهي، وفي نفس الوقت تبعه الرجل الذي يبدو أنه مقامر هو واثنان أو ثلاثة آخرون من الزوار وخرجوا جميعا من الغرفة، وقفت في منتصف مدخل الغرفة، وأشعلت النار في السيجارة بطريقة آلية، ولكن مع مرور الوقت، بدأت أشعر بتعمق كراهيتي وحقدي تجاه الحارس المتجهم (دائما ما أستغرب من نفسي أنني لا أشعر بالاستياء على الفور عندما أتلقى إهانة مثل هذه الإهانة).
وعندما جاء الحارس للنداء على الزوار مرة أخرى كانت الساعة أوشكت على الخامسة تقريبا. بعد أن خلعت قبعة الأستراخان حاولت أن أوجه السؤال نفسه إلى الحارس، وعندها خرج الحارس مسرعا وهو يتجه بجنبه من دون أن يستمع إلى ما سأقول. لا شك أن مشاعري في تلك اللحظة هي التي يعبر عنها في الواقع بالقول «لقد فاق الأمر القدرة على التحمل!» ألقيت بعقب السيجارة ومشيت متوجها إلى مدخل السجن الواقع على الناحية المقابلة.
بعد صعود سلالم المدخل الحجرية، كان يجلس على اليسار، على الجانب الآخر من نافذة زجاجية عدد من الرجال يرتدون ملابس تقليدية يابانية يقومون بأعمالهم، فتحت تلك النافذة، وتحدثت بكل ما استطعت من هدوء إلى رجل يرتدي زيا حريريا أسود عليه شعار عائلته، ولكن حتى أنا نفسي كنت أدرك أن لون وجهي قد تغير من الغضب. «لقد جئت لزيارة «ت». هل سأستطيع لقاءه؟» «انتظر حتى يأتيك الحارس وينادي على رقمك.» «ولكنني أنتظر منذ الساعة العاشرة.» «من المؤكد أنه سينادي عليك قريبا.» «هل أنتظر حتى وإن لم يأت للنداء علي؟ هل أنتظر حتى وإن غربت الشمس؟» «حسنا، انتظر على كل حال، احرص على الانتظار في كل حال.»
كان يبدو أنه يخشى من هياجي، وتعاطفت قليلا مع ذلك الرجل وسط ثورة غضبي، وشعرت فجأة بهزلية الموقف الذي مضمونه: «إن كنت أنا ممثلا للعائلة، فهو يمثل عموم السجن.» «لقد تخطى الوقت الساعة الخامسة بالفعل، أرجو منك أن تسعى لجعلي أستطيع لقاءه.»
ألقيت إليه بتلك الجملة، وقررت العودة مؤقتا إلى غرفة الانتظار. لم يعد بغرفة الانتظار التي أوشكت على الظلام إلا تلك المرأة ذات تسريحة شعر المتزوجات وحيدة، وهذه المرة كانت قد رفعت وجهها عن المجلة التي قلبتها فوق ركبتيها، بدا وجهها الذي رأيته من الأمام وكأنه نحت قوطي، جلست قبالتها وشعرت بدوام عداوة الضعفاء تجاه منظومة السجون عامة.
وأخيرا عندما نودي على رقمي كانت الساعة على وشك أن تكون السادسة تقريبا، وهذه المرة قادني حارس يبدو عليه النشاط بعينين واسعتين لامعتين، ودخلت في النهاية إلى غرفة الزيارة، ومع قول غرفة الزيارة فهي بالكاد تبلغ مساحة قدمين أو ثلاثة أقدام مربعة على الأكثر. ليس هذا فقط، بل تراصت على الجانبين عدة أبواب غير الباب الذي دخلته دهنت بالطلاء تشبه تماما المراحيض العامة، وفي واجهة غرفة الزيارة بعد ممر ضيق ثمة نافذة على شكل نصف دائرة، وكانت طريقة اللقاء أن يظهر السجين المراد زيارته وجهه من خلال تلك النافذة.
Página desconocida