Selecciones de Cuentos Ingleses
مختارات من القصص الإنجليزي
Géneros
وكانت أدير (التي لم يكن ثم مفتاح لشخصيتها غير خطها)، قد بعثت إلى المجلة بطائفة من الفصول في الأدب، ومن القصائد، أطراها المحررون إطراء عظيما، فوكلوا إلي أن أتصل بأدير هذه، وأن أعقد معها اتفاقا على أن توافي المجلة بما تكتب، وأن يكون الأجر سنتين (الريال مائة سنت) لكل كلمة، وأن أعجل بذلك قبل أن يقع عليها ناشر آخر، ويعرض عليها عشرة سنتات أو عشرين للكلمة.
ففي الساعة التاسعة من صباح اليوم التالي بعد أن قضيت وطرا من أكباد الفراريج (جربها إذا استطعت أن تهتدي إلى الفندق!) خرجت، وكانت السماء لا تزال تمطر، فوقعت في أول منعطف، على «العم قيصر»، وهو زنجي عظيم هرم كالأهرام، وله وجه ذكرني ببروتوس، ثم بعد هنيهة بوجه المرحوم الملك ستيوايا. وكان يرتدي أعجب معطف رأيته، أو أتوقع أن أراه في حياتي، فقد كان طويلا يتدلى إلى ساقيه، وكان في زمانه من أكسية قواد الاتحاديين في الحرب الأهلية، ولكن المطر والشمس والأيام نالت منه فرث، وبهت وصار لونه ألوانا. ولا يسعني إلا أن أتريث عند هذا المعطف، فإن له لشأنا في القصة، تلك القصة التي طال تلكؤها، لأن المرء لا يكاد يتوقع أن يحدث شيء في ناشفيل.
ولا شك أنه معطف قائد. وقد ذهب رأسه الذي كان ملتزقا به، وكان صدره محلى بالأشرطة الزاهية الألوان. ولكن هذه الأشرطة اختفت، وحلت محلها أشرطة من الكتان خيطت بعناية، وقد بليت هذه الخطوط التي أريد بها أن تكون عوضا عما زال من البهاء، وهيهات هذا من ذاك، ولكن اليد التي خاطت هذه الأشرطة توخت أن تجري على الأصل وتتبع خطوطه، وتمت مأساة الكساء أو مهزلته بأن سقطت أزراره جميعا ما خلا واحدا هو الثاني من فوق. وكان لابسه يشده على بدنه بحبال من الكتان تمر بعرى المعطف وبثقوب فيما يقابلها من الشق الثاني. وما رأيت قط ثوبا كهذا في ألوانه وحلاه! وكان الزرار الباقي في حجم نصف الريال، وهو مصنوع من العظم الأصفر ومخيط إلى الثوب بالكتان.
وكان الزنجي واقفا بجانب مركبة عتيقة كان يمكن أن يفتتح بها حام بن نوح خطا بعد أن نزل من السفينة، فلما اقتربت منها فتح الزنجي الباب، وتناول منفضة من الجلد جعل يلوح بها ولا يستعملها، وقال بصوت عميق: «تفضل يا سيدي! لن تجد ذرة واحدة من التراب فيها ... عدت الآن فقط من جنازة يا سيدي!»
فاستخلصت من قوله هذا أنهم يعنون بنظافة المركبات في مثل هذه المناسبات، فأجلت عيني في صف المركبات الواقفة إلى جانب الرصيف، فلم أر محلا للمفاضلة، فنظرت في مذكرتي باحثا عن عنوان أزاليا أدير وقلت: «إني أريد أن أذهب إلى المنزل رقم 861 بشارع جيسامين.»
وهممت بالركوب، ولكن ذراعا طويلة غليظة كذراع الغوريللا اعترضتني وبدت على الوجه الضخم الكئيب آيات الريبة والعداء ثم كأنما اطمأن فسأل: «ماذا تبغي من الذهاب إلى هناك يا سيدي؟»
فسألته بحدة: «وكيف يعنيك هذا؟»
فقال: «لا شيء يا سيدي، لا شيء يا سيدي. ولكنه جانب موحش من المدينة، وقل من له في تلك الناحية عمل. ولكن تفضل يا سيدي. المقعد نظيف ... عدت الآن فقط من جنازة يا سيدي.»
ولا بد أن تكون المسافة ميلا ونصف ميل إلى غايتنا، وكنت لا أسمع إلا صوت العجلات القديمة على الطريق الذي لا استواء فيه، ولا أشم إلا رائحة المطر مشوبة بدخان الفحم والقار ونوارات النبات المصوح. وكل ما وسعني أن أراه من خلال النافذة التي يسيل على وجهها الماء، صفان غير واضحين من المنازل على الجانبين.
ومساحة المدينة عشرة أميال مربعة. ويبلغ طول شوارعها 181 ميلا، منها 137 ميلا مرصوفة، وقد كلفت المجاري مليون ريال، وطولها 77 ميلا.
Página desconocida