La Imaginación de Khandaris: ¿Quién teme a Usman Bashri?
مخيلة الخندريس: ومن الذي يخاف عثمان بشري؟
Géneros
قال ببرود وقلق: لا يمكننا نتزوج، أنا ما جاهز للعرس، ولا عندي إمكانية لفتح بيت.
شرحت له للمرة العاشرة، حيث كان دائما ما يكرر هذه الجملة البائسة البليدة: العرس لا يحتاج لشيء سوى عقد، وأنت عندك بيت ولا ينقصك شيء، أنا ما عايزه منك غير العقد وأرحل معاك في اليوم نفسه. وكنا اتفقنا قبل أيام، مش كدا، وناقشنا الموضوع دا؟
تحدث كثيرا عن إمكاناته في إعالة أسرة، وأنه الآن يتكفل برعاية أيتام كثر، بالإضافة إلى أبناء وبنات أختيه المطلقتين اللتين لا تعملان. وقال ما لا أتذكره عن أمه وأبيه، وأظنه ذكر شيئا عن جار ما، أو جارة ما. لكنني أتذكر تماما أنه عندما توقف عن الكلام، هجم علي ... صعد على بطني بكامل ثقله، كان يضربني بصورة عشوائية في صدري وكليتي وتحت السرة بخوف ورعب شديدين، وهو في حالة أشبه بالجنون. كان يردد بأنني ورطته في هذا الحمل المشئوم من أجل أن أجبره على أن يتزوجني، وأنه سوف لا يفعل ذلك مطلقا، وعلي أن أجهض الآن. قد شتمني أيضا واصفا إياي بالداعرة والخبيثة ... إلى أن أغمي علي. نزفت في ذلك اليوم دما كثيرا، وكدت أن أموت لولا أنه تصرف أخيرا، أتى لي بالدكتورة مريم بنت خالته، تلك السيدة الرحيمة الجميلة، فأنقذت حياتي.
لا أدري أي شيطان رجيم جمعني بهذا المخلوق الغريب؟! أكتب الآن وأحس بجيش من النمل يسرح على جلدي، إحساس ما بين الخوف الجنون والنجاة، إحساس لا يمكن وصفه، لكنه يحيل لي صورته في شكل مخلوق آدمي له منقار أشبه بحقنة، وبطن منتفخة محشوة بالدم المتخثر. رغم ذلك أسأل نفسي كثيرا: هل أنا أكرهه؟ أنا أمقته، وأستطيع ... حسنا، لا أحب أن أخوض في هذه السيرة المهلكة.
منطق الجسد
أثناء البحث بالقوقل عن «فرقة الموت» المنوط بها مهمة اغتيال الأطفال المتشردين في البرازيل، تحصلنا على كتاب «الحرب ضد الأطفال في شوارع أمريكا». وهو كتاب مشهور «ألفه السيد أوفه بولمان». بهذا الكتاب حقائق مخيفة ومرعبة في الوقت نفسه. تركنا مهمة تلخيصه على الصديقة الصحفية حكمة رابح، على وعد أن تقوم بطباعته وتوزيعه لنا.
فقد تشكلت «فرقة الموت» في البرازيل، من داخل وزارة الداخلية في سبعينيات القرن الماضي. وعلى ذمة العم قوقل، كانت تمول من قبل بعض الأثرياء، الأسر الكبيرة، الشركات الرأسمالية العملاقة، ولفيف ممن لا يرون في المتشردين سوى قاذورات وفضلات اجتماعية يجب التخلص منها بأي شكل في سبيل بيئة إنتاجية معافاة.
قامت لجنة في البرلمان البرازيلي في نهاية عام 1991 بإحصائية مخيفة؛ حيث أشارت إلى مقتل 7000 طفل خلال السنوات الخمس المنصرمة، وفي أواسط عام 1992 ازداد عدد الأطفال القتلى ليصل 16414، وحسب إحصائية الحكومة البرازيلية فإن عدد الأطفال المشردين في السبعينيات في القرن الماضي كانت 1,5 مليون طفل.
قرأت هذه الفقرة لأمي، بالتأكيد لم أقرأ لها الطريقة البشعة الدموية التي كانوا يقتلون بها الأطفال، وأخفيت عنها حكايتين - في الحقيقة شهادتين - لطفلين نجيا من مذبحة، أو كما يسمونها في البرازيل حفلة مريعة. لكني أكدت لها أن القتل كان مباركا ومؤيدا من قبل الحكومة نفسها وتحت إشرافها. كعادتها، أمي لم تصدق أن يحدث ذلك في أي دولة كانت في العالم. والسبب بسيط جدا، وهو أن الحكومات عليها حماية الناس وليس قتلهم وفقا للعقد الاجتماعي غير المعلن بين الشعب والسلطة. قلت لها: هذا ما يدرس في الجامعات ويعمل به في الدول التي أنتجته فقط، فنحن نستهلك كل ما أنتج الغرب من تكنولوجيا ومعارف مادية، ولكننا نتجنب تماما منتجاته من القيم الإنسانية الرفيعة والأخلاق العالية. قالت أمي: أعرف، نحن نأخذ ما يتناسب وطبيعتنا.
طبعا، أمي كانت تقصد إغاظتي، لكنني تجاهلت الأمر ... أخذت ألعب مع الطفلين. كان يوما طويلا جدا، الأطفال الأشقياء لا يكفون عن الصراخ. كما هو متوقع من أمي أنها اشترت لهم ملابس صينية من المحطة الوسطى بحري. قام والدهما بعملية الاستحمام، وقصف أظافر الكفين والقدمين. كما قام بإزالة شعر رأسيهما إزالة تامة بماكينة حلاقة أبي القديمة. هذه الخطوة لا بد منها لكي لا يبدوا كمتشردين، بالتالي نبعد عنهم عين الرقيب الحقيقي أو المتخيل. كما أنه لا بد للروائح النتنة التي تنبعث منهما أن تزول. لكن أمي رغم ذلك لم تحبهما أو تطمئن لهما؛ فلقد كانا فوضويين بامتياز. أمي تحب النظام، كما أنها لم تعتد على الأطفال في بيتها، وتبين أن حبها للأطفال كان نظريا بحتا. كانت تحتج على كل ما يقومان به حتى أكلهما، فهما لا يعرفان كيف يأكلان سوى عن طريق خطف الطعام وحشو أكبر كمية ممكنة منه في الفم والبلعوم، ولا تفيد صفعات والدهما الخجلة على ظهورهما من إثنائهما عن ذلك. كانا أيضا يسرقان كل ما تقع عليه أياديهما الصغيرة: صابون الحمام، زجاجة عطر، راديو أمي الصغير كم مرة وجدته مخبأ خلف الباب، الأحذية، قوارير المشروبات الغازية الفارغة، حتى الخبز والعظام، يفعلون ذلك جميعا. لكن البنت كانت أكثر هدوءا وخجلا، أقل إصدارا للضجيج، ربما للإعياء الشديد الذي يبدو عليها. يظهر واضحا أنها تعاني من سوء تغذية حاد وفقر في الدم، وأنها مهمومة بأمور أخرى عميقة غير الأكل، الشرب، والفوضى. كانت الأكبر عمرا، قدرت دكتورة مي عمرها بعشر سنوات. قال والدها: إنها أكبر من ذلك بكثير، أي أن عمرها خمسة عشر عاما، إنها إذا تزوجت ستنجب أطفالا. قال: إنها تحيض في كل شهر مرتين، ذلك دليل عنده على خصوبتها وكبر سنها. قد ساورني شك عظيم في أنه يخفي عنا شيئا، فسألته: وين أم العيال ديل؟
Página desconocida