385

Mujaz

الموجز لأبي عمار عبد الكافي تخريج عميرة

وكذلك القول في علم الله، وقدرته، وعزته، وحياته، وسمعه، وبصره لو جاز ألا تكون صفة لله في ذاته موجودا بها في أزليته حتى يكون الوصف له بذلك لكان يجب أن يكون الله موجودا من قبل أن يصفه الواصفون على خلاف هذه الصفات من الجهل، والعجز والمذلة والموت، والصم والعمى، تعالى الله عن هذه المقالة علوا كبيرا، وعما تجر إليه من الخطأ، وقد أبطلنا مثل هذا من الكلام بما تقدم لنا من الأدلة في غير موضع من كتابنا. فإن آثرت أن تجوز عليهم المسألة بأن تقول لهم: أخبروني عن نفس علم الله، ونفس قدرته، ونفس حياته، وعزته وسمعه وبصره؟ أذلك صفات لله فيما لم يزل أم ليس بصفات له إلا بعد إحداثه الأشياء عندما يوصف بذلك؟ فإن زعموا أن نفس العلم، ونفس القدرة، ونفس الحياة، والعزة والسمع والبصر ليست صفات له فيما لم يزل، إلا بعد أن يوصف بذلك أثبتوا أضدادها من الجهل، والعجز، والمذلة، والموت، في سائر تلك الصفات، فإن قالوا بأن الله موجود بهذا المعاني التي ذكرتم، غير أنه لا يجوز أن يقال إنها صفات لله، وإنما الصفات عبارات الواصفين وألفاظهم عاد عليهم الكلام الأول، بأن يكون علم الله وقدرته وحياته وعزته غير صفات لله، وإذا كانت غير صفات لله وجب أن يكون أضدادها من الآفات التي ذكرناها هي صفات له؛ لأنه لا يجوز أن يكون موجودا بغير هذه الصفات: من العلم والقدرة والعزة والحياة، إلا بأن يكون موجودا بأضدادها من تلك الآفات التي لا تجوز على الله جل جلاله ولا تليق به. فإن قال: بأن العلم والقدرة والحياة والعزة والسمع والبصر صفات لله لم يزل بها، والوصف له منا مع ذلك تلك الصفات صفات له أخرى.

Página 189