384

Mujaz

الموجز لأبي عمار عبد الكافي تخريج عميرة

اعلم وفقنا الله وإياك أن الاختلاف من هذا الباب وقع في مواضع ثلاثة: أما أحدها ففي الاسم والصفة ما هما؟ والثاني: في الذي يسمى الله به في الأزل مما لا يسمى به، والثالث: ما القول في ولاية الله وعداوته، وحبه، وبغضه، وسخطه، ورضاه، هل هي صفات له في ذاته أم فعل من أفعاله؟ فإن سأل سائل فقال: ما الاسم وما الصفة عندكم؟ قيل له: فالاسم والصفة جميعا ما بان به الشيء من غيره على ما هو به في ذاته ونفسه، وصفه الواصفون أو لم يصفوه، وليس القول على ما غلط فيه من زعم أن الاسم والصفة هي التسمية من المسمى، والوصف من الواصف؛ لأنه لو كان الأمر على ذلك لكانت الأشياء في ذواتها وفي أنفسها غير موجودة بصفة من الصفات، ولا مستحقة لاسم من الأسماء، حتى تكون التسمية لها من المسمين، والوصف من الواصفين، وفي ذلك إبطال وجود الأشياء بحقائقها ومعانيها التي بان بعضها من بعض. ألا ترى أنه لو كان اللون لا يكون صفة للملون، والحرارة والبرودة لا تكونان صفة للحار ولا للبارد، وكذلك الحركة والسكون لو كانتا لا تكونان صفة للمتحرك والساكن حتى يكون الوصف من الواصفين لذلك لكانت هذه الأشياء موجودة بغير هذه الصفات، وفي ذلك إبطال وجود تلك الأشياء بحال. فلما ثبت ما قلنا من هذا على ما وصفنا ثبت أن صفات الأشياء هي حقائقها التي لا توجد إلا بها، وبطل القول بأن صفات الأشياء وأسماءها هو ما يوجد من وصف الواصفين لها، وتسميتهم إياها، ألا ترى أنه لو لم يصف الواصف، ولم يسم لكان جائزا أو متفقا أن تكون الأشياء موجودة بغير صفة من الصفات، ولا حقيقة من الحقائق، وهذا ما قد بان فساده جدا.

Página 188