Muhit Burhani
المحيط البرهاني في الفقه النعماني فقه الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه
Investigador
عبد الكريم سامي الجندي
Editorial
دار الكتب العلمية
Número de edición
الأولى
Año de publicación
1424 AH
Ubicación del editor
بيروت
Géneros
Jurisprudencia Hanafí
يباح له التيمم، بعض مشايخنا قالوا: هذا كله في ديارهم، فأما في ديارنا لا يباح له التيمم لأنه يمكنه أن يحتال بحيلة يتوضأ ويغتسل بأن يدخل الحمام فيتطهر، وهذا لأن في عرف ديارنا لا يطالب بالأجر عند دخول الحمام وإنما يطالب بعد الدخول فيمكنه الدخول، وبعدما خرج إذا علم أنه ليس معه شيء لا يطالب بشيء.
المحبوس في السجن إذا لم يجد الماء فهو على وجهين:
الأول: أن يكون محبوسًا في موضع نظيف، وهو على وجهين أيضًا: إن كان خارج المصر، قال أبو حنيفة ﵀ يصلي بالتيمم ولا يعيد، وإن كان في المصر لم يصل بتيمم، رجع أبو حنيفة وقال: يصلي ثم يعيد، وهو قول أبي يوسف ومحمد، وجه قول أبي حنيفة الأول: أن عدم الماء في المصر غير معتبر شرعًا حتى لا يسقط الفرض عنه بالتيمم ويلزمه الإعادة فلم يكن التيمم طهورًا له ولا صلاة إلا بطهور، وجه قوله الآخر: أن عدم الماء في المصر إنما لا يعتبر لأن ذلك نادر، فأما في السجن عدم الماء ليس بنادر فكان معتبرًا فإنه يتيمم لعجزه عن استعمال الماء، وهل يعيد؟، ففي القياس: لا، وهو رواية عن أبي يوسف كما لو كان في السفر وفي الاستحسان يعيد لأن عدم الماء كان بمنع من العباد ووجوب الصلاة عليه بالطهارة، وحق الله لا يسقط بمنع العباد (٢١أ١) بخلاف المسافر لأن جواز التيمم هناك لعدم الماء لا للحبس ولاصنعة للعباد.
الوجه الثاني: أن يكون محبوسًا في مكان نجس لا يجد ماءً ولا ترابًا نظيفًا وإنه على وجهين: إن أمكنه حفر الأرض أو الحائط بشيء واستخراج التراب الطاهر فعلى ذلك يصلي بالتيمم. وإن لم يمكنه ذلك فعلى قول أبي حنيفة ﵀: لا يصلي بل ينتظر حتى يجد الماء أو التراب الطاهر. وقال أبو يوسف ﵀: يصلي بالإيماء تشبهًا بالمصلين، وقول محمد ﵀ مضطرب ذكر في «الزيادات» وفي كتاب الصلاة في رواية أبي حفص قوله مع أبي حنيفة ﵀، ذكر في رواية الصلاة لأبي سليمان قوله مع أبي يوسف. قال بعض المشايخ: على قول أبي يوسف إنما يصلي بالإيماء إذا لم يكن الموضع يابسًا، أما إذا كان يابسًا يصلي بركوع وسجود.
وأما العاري إذا لم يجد ثوبًا أو اللابس إذا كان له ثوب كلّه نجس ولا يجد ما يغسله، فإنه يصلي ولا يترك الصلاة ولا يعيد. وفي مسألة السجن: إذا لم يجد ماءً ولا ترابًا نظيفًا على قول أبي حنيفة ﵀ لا يصلي، وعلى قول أبي يوسف: يصلي ويعيد، والفرق أن الشرع أسقط فرض ستر العورة عند العجز، وأسقط غسل النجاسة الحقيقية عند العجز عن استعمال الماء، فجاز الصلاة من غير إعادة.
أما ما أسقط فرض الطهارة الحقيقية والحكمية جملة بحال فلا يصلي من غير طهارة عند أبي حنيفة ﵀ الخطاب بالطهارة، وعند أبي يوسف ﵀ يصلي تشبهًا ولا يعيد.
قال الأسير في دار الحرب إذا منعه الكفار عن الوضوء أو الصلاة يتيمم ويصلي بالإيماء ثم يعيد إذا خرج، وكذا إذا قيل لرجل: حبستك إن توضأت، أو إن توضأت
1 / 149