Diálogos de Platón: Eutifrón - La defensa - Critón - Fedón
محاورات أفلاطون: أوطيفرون – الدفاع – أقريطون – فيدون
Géneros
أفأنت موافق على هذا؟ أو فانظر مرة أخرى إلى الموضوع على هذا النحو: أليست قطع الحجر والخشب بعينها تبدو متساوية حينا متفاوتة حينا آخر؟- لا ريب في هذا.- ولكن هل تتفاوت المتساويات الحقيقية أبدا؟ أم هل يكون مثال التساوي يوما عدم مساواة؟- لا شك في أن ذلك شيء لم يعرف بعد.- إذن فهذه المتساويات (كما يسمونها) ليست تطابق مثال التساوي؟- لا بد من القول يا سقراط بأنها تخالفه تماما.- ومع ذلك؛ فأنت من هذه المتساويات؛ فقد تصورت مثال التساوي ووصلت إليه، على الرغم من أنها مخالفة لذلك المثال؟فقال: هذا جد صحيح.- وقد يكون مثال التساوي شبيها بها. وقد يكون مباينا لها؟- نعم.- ولكن هذا لا يغير في الأمر شيئا؛ فما دمت قد تصورت شيئا من رؤية شيء آخر، سواء أكانا شبيهين أم متباينين؛ فقد حدثت بذلك من غير شك عملية تذكر؟- جد صحيح.- ولكن ماذا عساك أن تقول في قطع متساوية من الخشب والحجر، أو في غيرها من المتساويات المادية؟ وأي أثر هي تاركة في نفسك؟ أهي متساويات بكل ما في التساوي المطلق من معنى، أم أنها تقع في القياس دونه بشيء يسير؟فقال: نعم، بل دونه بمسافة بعيدة جدا.- ثم ألا يلزم أن نسلم بأنني - أو أي أحد آخر - حين ينظر إلى شيء فيدرك أنه إنما ينشد أن يكون شيئا آخر، ولكنه مقصر من دونه، عاجز عن بلوغه، فلا بد أن قد كانت لدى من يلاحظ هذا معرفة سابقة بذلك الشيء الذي كان هذا الأخير أحط منه، كما يقول، وإن كانا متشابهين؟- يقينا.- ثم أليست هذه حالنا في موضوع المتساويات والتساوي المطلق؟- تماما.- إذن، فلا ريب في أننا كنا نعرف التساوي المطلق قبل أن نرى المتساويات المادية لأول مرة، وفكرنا في أن كل هذه المتساويات الظاهرة، إنما تنشد ذلك المتساوي المطلق، ولكنها تقصر من دونه؟- هذا صحيح.- ونحن نعلم كذلك أن التساوي المطلق لم يعرف إلا بواسطة اللمس، أو البصر، أو غيرهما من الحواس التي لا تمكن معرفته بغيرها،
11
وإني لأؤكد هذا عن كل إدراك كلي من هذا القبيل.- نعم يا سقراط؛ فكل واحد من هذه المدركات لا يختلف عن الآخر في شيء مما يدور حوله الحديث.- وإذن فمن الحواس تنبعث المعرفة، بأن كل الأشياء المحسة تنشد مثال التساوي، ولكنها تقصر من دونه؛ أليس ذلك صحيحا؟- بلى .- إذن فقبل أن بدأنا في النظر، أو السمع، أو الإدراك بأية صورة أخرى لا بد أن قد كانت لدينا معرفة بالتساوي المطلق، وإلا لما استطعنا أن ننسب إليه المتساويات التي نشتقها من الحواس؟ - فهذه كلها تسعى نحو ذلك التساوي المطلق فتقصر من دونه؟- تلك يا سقراط نتيجة مؤكدة للعبارات التي سلف ذكرها.- ثم ألم نأخذ في النظر والسمع واكتساب حواسنا الأخرى بمجرد أن ولدنا؟- يقينا.- إذن فلا بد أنا قد حصلنا معرفة المتساوي المثالي في زمن سابق لهذا؟- نعم.- أي قبل أن نولد فيما أظن؟- صحيح.- وإذا كنا قد حصلنا هذه المعرفة قبل أن نولد، وكانت لدينا عند الميلاد؛ إذن فقد كنا قبل الميلاد، وفي ساعة الميلاد نفسها نعرف كذلك، فضلا عن المتساوي، والأكبر والأصغر، سائر المثل جميعا؛ فنحن لا نقصر الحديث على المتساوي المطلق، ولكنه يتناول الجمال، والخير، والعدل، والقداسة، وكل ما نطبعه بطابع الجوهر في مجرى الحوار، حينما نلقى أسئلة ونجيب عن أسئلة، أفنستطيع أن نؤكد، أننا قد كسبنا معرفة هذه كلها قبل الميلاد؟- هذا صحيح.- ولكن، إذا نحن بعد كسب المعرفة، لم ننس ما كنا قد كسبنا، فلا بد أنا قد ولدنا ومعنا المعرفة دائما، وسنظل أبدا على علم بها، ما دامت الحياة؛ لأن العلم هو كسب المعرفة وحفظها، لا نسيانها. أليس النسيان يا سمياس هو فقدان المعرفة لا أكثر ولا أقل؟- جد صحيح يا سقراط.- أما إذا افتقدنا عند الميلاد تلك المعرفة التي حصلناها قبل أن نولد، ثم كشفنا فيما بعد، بواسطة الحواس، ما قد كنا نعلم من قبل، أفلا يكون ذلك، وهو ما نسميه تعلما، عملية لكشف معرفتنا، ثم ألا يجوز لنا بحق أن نسمي هذا تذكرا؟- جد صحيح.لأنه من الواضح، أننا إذ ندرك شيئا بواسطة البصر، أو السمع، أو أية حاسة أخرى، لا نصادف صعوبة في أن ينشأ لدينا من هذا الشيء تصور لشيء آخر، يشبهه أو يباينه، كنا قد أنسيناه، وكان قد ارتبط بذلك الشيء؛ وعلى ذلك، فكما سبق لي القول، يقع أحد الأمرين: إما أن هذه المعرفة كانت لدينا عند الميلاد وظللنا نعلمها طوال الحياة، وإما أن يكون أولئك الذين يقال عنهم إنهم يحصلون العلم، بعد ميلادهم، لا يفعلون أكثر من أن يتذكروا؛ فما العلم إلا تذكر وكفى.- نعم يا سقراط، هذا جد صحيح.- فأي الأمرين تؤثر يا سمياس، أكانت المعرفة لدينا عند الميلاد، أم أنا قد تذكرنا فيما بعد الأشياء التي كنا نعلمها قبل ميلادنا؟- لا أستطيع الحكم الآن.- مهما يكن؛ فأنت تستطيع أن تحكم فيما إذا كان ينبغي أو لا ينبغي لمن لديه المعرفة أن يكون قادرا على تعليل معرفته.- لا شك أن ذلك حتم عليه.- ولكن هل تظن أن كل إنسان قادر على تعليل هذه الموضوعات نفسها التي نتحدث عنه الآن؟- ليتهم يستطيعون يا سقراط! ولكم أخشى ألا يكون ثمة من يستطيع في مثل هذه الساعة من الغد
12
أن يقدم تعليلا جديرا بأن يؤخذ عنه.- إذن فليس من رأيك يا سمياس أن كل الناس يعلمون هذه الأشياء؟- يقينا إنهم لا يعلمون.- إذن فهم آخذون في تذكر ما قد كانوا يعلمونه من قبل؟- يقينا.- ولكن متى كسبت أرواحنا هذه المعرفة؟ لم يكن ذلك بعد أن ولدنا بشرا؟- لا، ولا ريب.- وإذن فقبل ذلك؟- نعم.- إذن يا سمياس، لا بد أن أرواحنا كانت موجودة قبل أن تصور في هيئة البشر،
13
ولا بد أن قد كان لديها ذكاء لما كانت بغير أبدان؟- حقا يا سقراط، ما لم تفرض أن هذه الآراء قد أوتيناها في ساعة الميلاد؛ لأنه لم يبق إلا تلك اللحظة وحدها.
14 - نعم يا صديقي، ولكن متى افتقدناها؟ فهي لا تكون لدينا عندما نولد - وقد سلمنا بهذا. هل افتقدناها في اللحظة التي فيها أخذناها، أم في وقت آخر غير هذا؟
15 - لا يا سقراط، لقد أدركت أني إنما كنت أنطق هراء لا أعيه.- إذن، أفلا يجوز لنا يا سمياس أن نقول ما نردده دائما، وهو إذا كان ثمة جمال مطلق، وخير مطلق، وسائر الذوات التي اكتشفنا الآن أنها سبقتنا في الوجود ، وكنا نقيس إليها كل أحاسيسنا ونقارنها بها، زاعمين أن قد كان لها وجود سابق، فإن لم يكن، ذهبت كل قوة في قولنا. فليس من سبيل إلى الشك بأنه إذا كان لهذه المثل المطلقة وجود قبل أن نولد، فلا بد أن أرواحنا كانت كذلك موجودة قبل ميلادنا، فإن لم تكن المثل موجودة لم تكن الأرواح موجودة كذلك.- نعم يا سقراط، إني مقتنع بأن لوجود الروح قبل الميلاد هذه الضرورة نفسها، وأنت إنما تتحدث من الروح عن كنهها؛ فقد انتهى بنا التدليل إلى نتيجة يسرني أنها تتفق مع ما أرتئيه. فلست أرى شيئا يبلغ في بداهته مبلغ قولنا إن الجمال والخير وسائر المثل التي كنت تتحدث عنها الآن توا، لها وجود غاية في الحق والتجريد، وإني لمقتنع بالدليل.- حسنا، ولكن هل اقتنع سيبيس اقتناعك هذا؟ لأنني لا بد أن أقنعه كذلك.- قال سمياس: أظن سيبيس مقتنعا؟ فإني أحسبه قد آمن بوجود الروح قبل الميلاد، على الرغم من أنه أبعد الكائنات عن التصديق. ولكن دليلا لم يقم بعد على استمرار وجود الروح بعد الموت، بحيث يقنعني أنا، فلا أستطيع أن أتخلص من شعور الدهماء الذي كان يشير إليه سيبيس - ذلك الشعور بأنه إذا مات الإنسان فقد تتبعثر الروح، وقد يكون ذلك نهايتها، فلو سلمنا بأنها قد تتولد وتنشأ في مكان غير هذا، وقد تكون موجودة قبل حلولها في الجسم البشري؛ فماذا يمنع أن تبلى وتفنى بعد أن حلت فيه ثم خرجت منه ثانيا؟ فقال سيبيس: هذا جد صحيح يا سمياس، أما أن أرواحنا كانت موجودة قبل أن نولد؛ فهو الشطر الأول من الحديث، ويظهر أن قد قام الدليل عليه، وأما أن الروح ستبقى بعد الموت كما كانت قبل الميلاد؛ فهو الشطر الآخر، الذي لا يزال يعوزه الدليل ولا بد له من التأييد.قال سقراط: أي سمياس وسيبيس! لو أنكما أضفتما الدليلين أحدهما إلى الآخر؛ أعني هذا وما سبقه، الذي سلمنا فيه بأن كل شيء حي قد ولد من الميت، لرأيتما أنا قد فرغنا من إقامة هذا الدليل؛ لأنه لو كانت الروح موجودة قبل الميلاد، وأنها إذ تجيء إلى الحياة وإذ تولد، لا تكون ولادتها إلا من الموت أو الاحتضار، أفلا يجب عليها بعد الولادة أن تستمر في وجودها ما دام لا بد لها أن تولد مرة أخرى؟ لا ريب في أنا قد فرغنا من إقامة البرهان الذي ترجوان. ولكني مع ذلك أحسبك أنت وسمياس لا ترغبان في أن تخبرا هذا الدليل أكثر من ذلك؛ فقد استولى عليكما ما يستولي على الأطفال من فزع، خشية أن يذرو الهواء الروح حقيقة، ويبعثرها عند فراقها الجسد، وبخاصة إذا كتب لإنسان أن يموت في جو عاصف، ولم يقدر له الموت حيث السماء ساكنة. فأجاب سيبيس باسما: إذن يا سقراط، فواجبك أن تنفض عنا خوفنا بالدليل، ومع ذلك فليست هي مخاوفنا، إن توخيت الدقة في القول، ولكن هنالك في طويتنا، طفل ينظر إلى الموت، كأنه ضرب من الغول، فلا بد أن تحمله كذلك على ألا يفزع إذا ما انفرد وإياه في الظلام.قال سقراط: ردد في كل يوم صوت الساحر، إلى أن تطرد بالسحر ذلك الغول.- وأين عسانا أن نجد ساحرا حاذقا يقينا مخاوفنا بعد ذهابك يا سقراط؟فأجاب: إن هلاس
16
Página desconocida