الدم على صفة دم الحيض أو على غير صفته وسواء كان لها عادة فخالفت عادتها أو لم تكن وقال أبو سعيد الاصطخري ﵀: إن رأت الصفرة أو الكدرة في غير وقت العادة لم يكن حيضًا لما روي عن أم عطية قالت: كنا لا نعتد بالصفرة والكدرة بعد الغسل شيئًا ولأنه ليس فيه أمارة الحيض فلم يكن حيضًا والمذهب أنه حيض لأنه دم صادف زمان الإمكان ولم يجاوزه فأشبه إذا رأت الصفرة أو الكدرة في أيام عادتها وحديث أم عطية يعارضه ما روي عن عائشة ﵂ أنها قالت: كنا نعد الصفرة والكدرة حيضًا وقوله إنه ليس فيه أمارة غير مسلم بل وجوده في أيام الحيض أمارة لأن الظاهر من حالها الصحة والسلامة وأن ذلك دم الجبلة دون العلة وإن عبر الدم الخمسة عشر فقد اختلط حيضها بالاستحاضة فلا تخلو إما أن تكون مبتدأة غير مميزة أو مبتدأة مميزة أو معتادة غير مميزة أو ناسية مميزة فإن كانت مبتدأة غير مميزة وهي التي بدأ بها الدم وعبر الخمسة عشر والدم على صفة واحدة ففيها قولان: أحدهما أنها تحيض أقل الحيض لأنه يقين وما زاد مشكوك فيه فلا يحكم بكونه حيضًا والثاني أنها ترد إلى غالب عادة النساء وهي ست أو سبع وهو الأصح لقوله ﷺ لحمنة بنت جحش "تحيضي في علم الله ستة أيام أو سبعة أيام كما تحيض النساء ويطهرن لميقات حيضهن وطهرن" ولأنه لو كانت لها عادة ردت إليها لأن الظاهر أن حيضها في هذا الشهر كحيضها فيما تقدم فإذا لم يكن لها عادة فالظاهر أن حيضها كحيض نسائها ولداتها فردت إليها وإلى أي عادة ترد فيه وجهان: أحدهما إلى غالب عادة النساء لحديث حمنة والثاني إلى غالب عادة نساء بلدها وقومها لأنها أقرب إليهن فإن استمر بها الدم في الشهر الثاني اغتسلت عند انقضاء اليوم والليلة في أحد القولين وعند انقضاء الست أو السبع في الآخر لأنا قد علمنا في الشهر الأول أنها مستحاضة وأن حكمها ما ذكرناه فتصلي وتصوم ولا تقضي الصلاة وأما الصوم فلا تقضي ما تأتي به بعد الخمسة عشر وفيما تأتي به قبل الخمسة عشر وجهان: أحدهما تقضيه لجواز أن يكون قد صادف زمان الحيض فلزمها قضاؤه كالناسية والثاني لا تقضي وهو الأصح لأنها صامت في زمان حكمنا بالطهر فيه بخلاف الناسية فإنا لم نحكم لها بحيض ولا طهر.
فصل: فإن كانت مبتدأة مميزة وهي التي بدأ بها الدم وعبر الخمسة عشر ودمها
1 / 79