كيف يمكن لي أن أعيش الآن؟
أنا الطفلة المهتمة بعواطفي البكر، وأنا الطبيبة المجربة بعقلي العجوز؟
خمس وعشرون سنة مضت من عمري دون أن أشعر لحظة واحدة أنني امرأة! دون أن يخفق قلبي مرة واحدة لرجل! دون أن تمس شفتي تلك الأعجوبة التي اسمها القبلة! دون أن أعرف الفترة، تلك الفترة الملتهبة من عمر الإنسان؛ المراهقة.
ضاعت طفولتي في صراع ضد أمي وأخي ونفسي، والتهمت كتب العلم والطب مراهقتي وفجر شبابي، وها أنا ذي الآن طفلة في الخامسة والعشرين من عمرها، طفلة تريد أن تجري وتلعب وتنطلق وتحب. •••
حزمت متاعي القليل، وركبت القطار ليحملني بعيدا عن نفسي. لقد تعرفت عليها وعرفتها، ولم أعد بحاجة إلى أن ألتصق بها ذلك الالتصاق الشديد الذي يفصلني وإياه عن الحياة؛ الحياة التي التقطت جوهر معناها من تراب الأرض كما تلتقط الحمامة بمنقارها حبة القمح، الحياة التي أصبحت أحبها بكل خلية من كيان روحي وجسدي، وأحس برغبة عارمة في أن ألتصق بها التصاقا شديدا.
كيف لي بعد كل هذا أن أغلق نفسي داخل تلك العزلة الموحشة؟
كان لا بد أن أعود. وعدت، عدت إلى بيتي وأهلي وعملي وعيادتي، فتحت ذراعي للحياة وعانقت أمي، ولأول مرة أحس أنها أمي. وعانقت أبي، وفهمت معنى بنوتي. وعانقت أخي وعرفت شعور الأخوة و... وتلفت حولي أبحث عن شيء، شيء لا زال ينقصني، عن أحد لا زال غائبا عني. من هو؟
أعماقي تناديه، وروحي تهتف به. من هو؟ من؟! •••
حنين جارف عنيف يهز روحي وجسدي؛ حنين روح ظامئة للحب أطلق العقل سراحها، حنين جسد بكر انطلق لتوه من زنزانته الحديدية.
ترى ماذا يكون اللقاء بين المرأة والرجل؟!
Página desconocida