في المرفع من جديد إلى الدور الثالث، المدينة والناس والنهر وكل شيء صغير خاضع أمام نظرنا الذي يحوم في كل هذه المتسعات مما أمامه فلا يجد مانعا فيشعر في نفسه بالرضى وينبعث إلى النفس إذ ذاك من دواعي القنوع بعظمتها ما تسر به أكبر السرور ...
ثم ها نحن نزلنا إلى الأرض، هنا نظرنا محدود وخيالاتنا في الهواء ورؤوسنا رد إليها صوابها فعرفت أننا من الأرض وإلى الأرض نرجع، وأن ليست العظمة إلا نظرة في ذلك الفضاء نتوه بها عن الواقع ثم إذانا رددنا كما كنا وإذا آفاقنا أضيق من كل ما نتصور - إذانا لا شيء - إذانا تراب.
في صنع البرج من الإتقان والدقة ما يشهد بأكبر المهارة، وفيه من مظاهر العلم ومن ذكرى المعرض العام ما يخلد للمدينة المسالمة العاملة أحسن الأثر.
27 منه
اليوم وقعنا على معلم للغة الفرنساوية هو المسيو أ.ل. وأخذنا عليه الدرس الأول كما اتفقنا أن نأخذ معه تسعة دروس في الأسبوع. وقد أخره ذلك عن الذهاب إلى مصيفه بعد أن كان قد صمم نهائيا على مغادرة باريس.
الرجل غليظ الجسم جدا، وله تحت ذقنه أخريان، أصلع الرأس، خفيف الشارب، بارد النظرات، عظيم البطن، قابلنا مرتديا سترة سوداء وحذاء أسود لماعا، وسألنا في أي شيء نريد أن نشتغل.
نحن ثلاثة، أنا أشدنا جهلا باللغة، وصاحباي ليسا منها على كثير؛ لذلك وقفنا أمام هذا التخيير من جانب الرجل حيارى، أخيرا دلنا على الكتب اللازمة.
لا أستطيع أن أنظر لهذا الرجل الضخم من غير أن يثير عندي شهوة الضحك، ولكني منعت نفسي اليوم واستطعت أن أتغلب عليها.
2
28 منه
Página desconocida