ويظهر أن الوالدة انتبهت أن هناك مظاهرة أخرى بجانبها؛ فانقطع تيار الحديث، ثم سمعت الآنسة تقول بكل بساطة لشقيقتها: الله! شوفي يا أبلة، نمرة العربجي زي نمرة تليفوننا بس بدال الخمسة ثلاثة.
وبهذه الطريقة نظر صاحبنا إلى نمرتي، وأبدل الخمسة ثلاثة بالطبع، وانتهت مهمته بعد أن كتب النمرة؛ لأنه يظهر عليه أنه «غبي» ما يقدرش يذكر نمرة، ونظر إلي بعينه الجميلة السوداء كأنه يشكرني بمناسبة نمرتي.
فقلت في نفسي: «الحق مش علي، الحق على المحافظة اللي جابتلي تهمة مش نمرة.»
ووصلنا إلى لوكاندة شبرد، فلمحت الأم على «التراس» بين خليط الواقفين طبيبا معروفا، فالتفتت إلى إحدى بناتها قائلة: مش الدكتور فلان ده اللي واقف جنب الراجل الإنجليزي؟ - والنبي يا نينة مش عارفة يمكن هو، لكن ده أحلى قوي. - وبرده يا بنتي الدكتور خطيته على نفسه شيك، والله هو.
وانتقلا من الحديث إلى الصياح والهتاف، وأنا لا أتعجب إلا من سرعة الانتقال من موضوع إلى آخر، من الهتاف إلى المواعيد، إلى الانتقاد على الخلق والعالم «إحنا ف إيه وإلا ف إيه؟»
وهل يصح أن تستلفت والدة نظر ابنتها إلى جمال إنسان أو قبحه؟ يعني هي ناقصة، موتونا يا عالم.
كان الله في عون الآباء والأزواج، في عون أرباب البيوت، في عون الرجال أصحاب الإحساس الذين شت منهم العقل بين المحافظ على السمعة والعرض من الشباك أو الأتوموبيل، من التليفون أو البوسطة، هذه هي الحقيقة، ولكنها تجرح وتلدع في سكون وهدوء بدون صوت أو فرقعة ككرباج محسوبكم.
الأسطى حنفي
المذكرة السادسة
يظن أسيادنا الأغنياء أن الأزمة لا تأثير لها إلا على طبقتهم، وليه؟ لأنهم - كما أظن ويفهم عقلي الصغير - يرون أننا بجانبهم حشرات صغيرة، تعيش بطبيعة الحال على وتيرة واحدة وحاجياتنا قليلة، وبالاختصار نحن عندهم أقل في التقدير من حيواناتهم.
Página desconocida