واسمع ما شئت من أقسام الحب «الطاهر» وأنه يقاسي الموت في البعد عنها، ويسهر ليله وينام نهاره، أما هي فإنها أصبحت «بالرغم من 95 كيلو وزن» مريضة بسببه وانسأمت وربما ماتت ضحية لهذا الغرام الشريف.
وفي أثناء الحديث يا حضرة القارئ تمر على ألفاظ جديدة في اللغة، فأسمعها تقول «حبوب» «وتوتو» وهو يقول «قطقوطة» ولا أفهم لها معنى، ولكني علمت أن لكل مقام مقال، بل قد تعودت إذا سمعت أحدهما يتنهد أن أقلده، وهكذا يصبح الجو كله غرام وحب، وينطبق علينا قول القائل «كلنا في الهوى سوى» ولكن المصيبة أنني أجهل من أحب.
ولا أراك الله أيها القارئ الكريم الحوادث التى تنتهي «بغم»، وربنا ما يوقعك في يد البوليس إلا طارف، فكثيرا ما تتفق قلة الحوادث مع قلة الأدب، فيضطر إما أن يأخذ إجراءته أو يأخذ ... وتنتهي الحادثة على خير وسلامة.
وكما أن للاجتماع آداب وللحديث آداب، فلنا معشر العربجية آداب أيضا نتبعها في أمثال هذه التوصيلات، فيجب أولا السير بهدوء في الشوارع الخالية ليظهر الفرق الكبير بين الفسحة في عربة ومثيلتها في أتوموبيل أجرة، بل يجب أيضا الانتباه إلى أوامر الزبون، فربما كانت غلطة صغيرة كافية لعكننة مزاجه فينتقم جنابه من الأجرة في شخصي، وتنتهي الرواية على حسب الظروف إما بمأساة أو بفصل مضحك يتداخل فيه الجمهور، وتحلو وقتئذ النكت الرائقة «وعينك ما تشوف إلا النور».
هذا ما عن لي أن أدونه هذا الأسبوع، فإلى الملتقى يا حضرة الزبون الفاضل، فسأوافيك في القريب العاجل بأخبارنا أيام إضرابات الترام «رحم الله تلك الأيام!» وتقبل احترامات عمك الأسطى.
حنفي أبو محمود
المذكرة الثالثة
وعدتك أيها الزبون الفاضل بحوادث الاضطرابات والاعتصامات، وبالاختصار أيام العز والمكسب «والنغنغة» أيام أقفرت الطرقات من «التراموايات» وأخذ عزرائيل إجازة غير اعتيادية من الشركة وتهيأت لنا الفرصة، وامتلكنا نواصي الشوارع، وبعد أن كنا نرجو الزبون ونتمسح وننادي بأعلى صوت «آجي يا بيه؟» أصبحنا محط الرجاء، وفي بعض الأحايين كنا نرفض بشدة ما دامت الخيل تعبانة، والجيوب مليانة، والزباين كفرانة.
كانت اضطرابات الترام ربيع أيامنا، فيها كان محسوبك الأسطى حنفي زايط؛ لأن الشغل ماشي والحالة «فل» ولم نكن بعد قد فوجئنا بمصائب الأتوموبيل «التاكس» و«تزانيقه اللي زي الهباب» وثانيا لأني بصفتي صاحب «عجل» في البلد، كنت أفتخر إذا ركب معي بعض كبار رجالاتنا إلى بيت الأمة أو إلى «كلوب محمد علي» فحفظت في هذه الأوقات أسماء معظمهم على حسب الجودة في التوصيلة، أو على حسب الخلقة «والسحنة».
وبالرغم من انتباه الواحد منا «للخواذيق» التي اعتاد فريق الأونطجية أن يلبسونا إياها، فقد حدث كثيرا أنني أوصل نفرا من هؤلاء المزيفين الذين تبدو عليهم الوجاهة من الظاهر فقط إلى «جروبي» ثم أنتظر عبثا؛ لأن حضرة الوجيه «فك» من الباب الآخر، وبما أن المؤمن و«خدامك أولهم» لا يلبس الخازوق مرتين، فقد تنبهت إلى واحد منهم، وبعد أن نزل من باب انتظرته على الباب الآخر، وأثبت له في هذه المرة أنني على الأقل متعلم أفهم أن الدنيا «دايرة».
Página desconocida