174

ومعنى انه متكلم ، لا يراد به : انه صدر من ذاته الحروف والاصوات كما يصدرها الناطقون من الناس ، بل معناه : انه يوجد الكلام في جسم من الأجسام ، وتكون الألفاظ الصادرة قائمة بذلك الجسم ، قيام صدور.

وتفسير الأشاعرة بالمعنى الذي يوافيك آتيا غير معقول ، لاستلزامه محذورات كثيرة ، كما سيأتي.

اقول : من جملة صفاته تعالى ، كونه (متكلما) وقد اجمع المسلمون على ذلك ، واختلفوا بعد ذلك في مقامات أربع :

الاول : في الطريق الى ثبوت هذه الصفة ، هل هو العقل ، او السمع؟

فقالت الأشاعرة : هو (العقل).

وقالت المعتزلة : هو (السمع).

وهو قوله تعالى : ( وكلم الله موسى تكليما ).

وكون الدليل على هذا المطلب سمعيا فقط ، هو الحق ، لعدم الدليل العقلي عليه ، وما ذكروه دليلا عقليا ، فليس بتام.

وقد اجمع الانبياء على ذلك ، اي : على كونه (متكلما).

ولا يستلزم ذلك (الدور): بان نبوة الأنبياء موقوفة على ثبوت الصانع ، الذي من جملة مطالبه كونه «متكلما».

فلو أستدل على التكلم له : بقول الانبياء ، لدار ، وجهة عدم الاستلزام : ان ثبوت نبوتهم غير موقوف عليه ، اي : على ثبوت التكلم لله سبحانه.

فان الجهة التي تقتضي بعثة الأنبياء على الله هو كونه لطيفا بعباده يريديهم السعادة والاهتداء الى سبل الخير ، ومن هذه الجهة. وجب على الله لطفا ارسال الرسل

Página 176