يوجد عدد وافر من الكنائس أو بالأحرى المعابد، وهي غاية في الإبداع والفخامة، أما الحصون والقصور فلم يبق منها شيء، وبدلا منها توجد القبور. وفي الحق إن مصر بلد المقابر والمعابد.
لأنه لما كان الشعب المصري عظيم التدين، يخص آلهته بكل تبجيل وتقدير؛ فقد أكثر من تشييد المعابد لها.
ولكن ما السبب في تلك الحماية الموفورة التي وجهوها إلى بناء القبور؟
السبب في ذلك - وسنشرحه شرحا وافيا في فصل قادم - أنه لم يوجد شعب آثر الحياة الأخرى على الحياة الدنيا كالشعب المصري القديم.
فهم كانوا يبنون منازلهم وقصورهم بأخف المواد كالخشب والصلصال، علما منهم بأن تعميرهم فيها لن يطول، أما قبورهم أو المساكن الأبدية - كما كانوا يسمونها - فقد شيدوها باعتناء ودقة حتى خلدت على الدهر.
وسأصف لك الآن معبدا، وهو في أكمل صورة؛ أي كما كان وقت تشييده. والناس يقصدون مصر الآن من جميع أنحاء الدنيا ليشاهدوا خرائب تلك المعابد، وهم يعدونها - كما هي الآن - من أغرب ما خلف العالم القديم، بل هي تعد من غرائب فن البناء في الوقت الحاضر.
وهي الآن لا تزيد عن أن تكون الهيكل العظمي للمعابد الأصلية، ولا تدل على الأصل القديم إلا بمقدار ما يدل الهيكل العظمي على الجسم الإنساني في جماله وحياته.
هب الآن أننا قادمون نحو مدخل معبد عظيم، وهب أن المعبد لا يزال مقرا لرب من الأرباب تعبده آلاف من البشر.
فإذا تركنا الشوارع الضيقة المؤدية للمعبد، نجد أنفسنا واقفين في طريق ممهدة تمتد أمامنا مئات الأقدام، وعلى جانبي ذلك الطريق يوجد صفان من تماثيل أبي الهول ذات أجسام الأسود ورءوس البشر أو أي مخلوق آخر.
بعض آباء الهول لها رءوس إنسان مثل أبي الهول الكائن بجانب الهرم، ولكن التي توجد على جانبي طريق المعبد يكون لها في الغالب رأس كبش أو رأس ابن آوى.
Página desconocida