ولكن باقي النسخ مكتوب بإهمال؛ لأن الكتبة كانوا يعلمون أن مصير الكتب - التي يسهرون في كتابتها - الدفن مع الميت، حيث لا يمكن أن تقع عليها عينا إنسان، وعليه فلم يعتنوا في كتابتهم، ولم يروا بأسا في وجود غلطات كثيرة، بل كان يبلغ الإهمال بهم أحيانا إلى حذف بعض فصول برمتها من الكتاب، ولم يكن يدور بخلدهم أنه بعد موتهم بآلاف الأعوام ستنبش القبور، ويستولى على ما فيها، ويظهر إهمالهم للملأ.
وما لا ريب فيه أن كثيرا مما يتضمنه هذا الكتاب سقط وسخف - وهي أبعد ما تكون عن تعاليم الإنجيل النبيلة - وسأنقل للقارئ فصلا موجزا ليحكم بنفسه:
فصل في دفع خطر الثعابين
كان المصريون يعتقدون أن الميت لا يحتاج للنجاة من الثعبان إذا اعترضه في طريقه إلى السماء إلا أن يذكر هذه الجملة، وهي كفيلة بأن تحل قوى الثعبان؛ ليتمكن الميت من السير بأمان. وهذه الجملة هي: «تحية أيها الثعبان، لا تتقدم من مكانك، قف حيث أنت وسوف تأكل جرذا يكرهه رع «رب الشمس» وسوف تمضغ عظام قطة قذرة.»
هي حماقة ليس إلا، وتوجد فصول أخرى لا تقل عن الفصل السابق غباوة وبلاهة. وإني أعجب كيف كان أناس عقلاء كالمصريين يعتقدون في هذه الخزعبلات!
ولكن بجانب هذا السخف نجد فصولا تحوي أفكارا غاية في السمو والنبل، كأنما أوحيت إليهم من الله نفسه. وأهم هذه الأفكار هو اعتقادهم بأن الإنسان يحاسب على أعماله في الدنيا - بعد الموت - وأن الآلهة لا ترحم في الآخرة إلا الذين عدلوا ورحموا وتواضعوا وخضعوا لأوامرها.
الفصل الثاني عشر
المعابد والقبور
إن السائح الذي يجوب بلادنا إنجلترا لمشاهدة الآثار القديمة، لا يجد أمامه إلا كنائس وحصونا، فهنا الكاتدرائيات الفخمة، وهنالك القصور العظيمة التي كان يسكنها الملوك والأمراء، والتي كانوا يتخذون منها قصورا تؤويهم، وحصونا تدفع عنهم شر أعدائهم.
ولكن الأمر يختلف إذا كان هذا السائح يجوب أرض مصر.
Página desconocida