Historia de Egipto en la era del Jedive Ismael Bajá
تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا
Géneros
على أن المرجع في عدم نجاحه بالرغم من الاحتياطات التي اتخذت لذلك كتكليف «الكمپتواردسكمپت»، أي «بنك الخصم» بمهمة إصدار معظمه، وإقدام توكيل هذا البنك بالإسكندرية على طلب زمرة قواصة من الحكومة لإقامتهم عند الحواجز التي أنشأها أمام محله، لحفظ النظام بين جمهور المكتتبين إشعارا بتوقعه ازدحام أقدامهم هناك، وكمجيء وزير المالية نفسه على رأس فئة من أصدقاء الحكومة، ليكتتب، فيكون مثله قدوة للغير، ويحيي خور تلك الحواجز ولو لحظة، بالرغم من أن الغرض الذي أذيع أن القرض معقود لأجله كان من أجل الأغراض، ألا وهو إنشاء معامل للسكر، وسكك حديدية زراعية لاستغلال المائة والخمسين ألف فدان المقدمة رهنا على سداد المال المرغوب في اقتراضه - أن المرجع في عدم نجاحه ربما كان إلى قيام بعض الصحف للتنديد به، وادعاء عدم مشروعيته، ومطالبتها الباب العالي، والمتعاقدين في قرض سنة 1868 إلى التداخل لمنعه، وإلى تداخل الباب العالي في الواقع، وإصداره أمره إلى القنصل العام العثماني في لندن بالاحتجاج عليه ومعاكسته.
وبينما الكل بمصر، من الأمير إلى أصحاب المصارف، وأصحاب رءوس الأموال، وجميع المشتغلين في الأمور المالية، مرتاحو الفكر، مطمئنو البال، يقضون أيامهم في أتم هناء، وبينما خصم إفادات المالية في أوائل شهر يولية لا يتجاوز ثمانية ونصفا في المائة، متى كان الاستحقاق قريبا، ولا يتجاوز عشرة في المائة في الاستحقاقات البعيدة، المتراوحة بين 24 شهرا و30 شهرا، وسعر قرض سنة 1868 الذي كان الإقبال عليه أكثر منه على غيره، يتراوح بين 83 و84، إذا بأنباء الحرب بين پروسيا وفرنسا دوت في الآفاق، وألقت الفزع في الأسواق المالية كلها.
ففي بضعة أيام سقط سعر القرض المرغوب فيه إلى 64 أي بنقص عشرين بنطا، وارتفع معدل خصم الإفادات المالية القريبة الاستحقاق إلى 30 و35 في المائة، ومعدل خصم الإفادات المستحقة بعد سنة فقط إلى 20 و22 في المائة، ومعدل خصم الإفادات المستحقة بعد 18 شهرا لغاية 30 شهرا إلى 16 و20 في المائة، فعم الضيق، واشتدت الأزمة.
فرأى إسماعيل صديق باشا أن خير ما يداوي به الحال الحرجة، ويحيي به الآمال، ويبقي الوثوق بالمالية المصرية محفوظا، هو إذاعة أنباء تفريج عتيد يوسع حلقات الضيق المؤقت.
فشرع يشيع تارة أن الحكومة عازمة على بيع سككها الحديدية إلى شركة إنجليزية يمثلها المستر فولر المهندس بمبلغ قدره عشرين مليونا من الجنيهات، وطورا أن المالية على وشك إجراء عملية بعيدة الأطراف تستبدل بمقتضاها الإفادات القريبة الاستحقاق بالإفادات التي لا تستحق إلا سنة 1873، فتصيب من وراء ذلك البدل ربحا قدره اثني عشر مليون جنيه، وإشاعات أخرى من هذا القبيل كان لها حقيقة وقع حسن، وأدت إلى ارتفاع سعر قرض سنة 1868 إلى 74.
هكذا تمكن من حفظ كفة التوازن، بينما وقائع الحرب تتوالى بسرعة صاعقية، تجعل عقد الصلح بين الدولتين المتحاربتين قريبا، لتمكن إحداهما من الأخرى تمكنا لم يرو التاريخ مثله.
ولكي يشعر الخديو العالم المالي كله بأن مركز مصر المالي أقوى من أن يتأثر تأثرا سيئا بالتماوجات البورصية التي أحدثتها، وما فتئت تحدثها تلك الحرب الشعواء، عقد قبل نهاية عام 1870، مع محل جرينفلد وشركائه الهندسي بلندن، العقد الذي كلف بمقتضاه ذلك المحل ببناء ميناء الإسكندرية.
وبينما الأشغال في إنشائها سائرة، عقد الصلح بين ألمانيا وفرنسا، وبات من المنتظر صعود أسعار الأوراق المالية.
ولكن التحسين لم يكن على نسبة المتوقع، ولم يطرأ في الحقيقة إلا على قرض سنة 1868، وأما الإفادات فبقي معدل الخصم فيها طوال فصل الصيف، متراوحا حول 14 في المائة، وهذا لم يكن ليدل على أن مركز مصر المالي في الأسواق الأوروبية مركز ثقة متينة.
فالحال باتت إذا حرجة، لا سيما أنه حتى خريف سنة 1871 كان جانب عظيم من قرض بيشوفشهيم لا يزال مكشوفا، بين أن جانبا عظيما من الإفادات المالية وأذونات الدائرة السنية كان يقترب من مواعيد استحقاقه، وأن عدم الدفع لدى الاستحقاق كان من شأنه القضاء على الثقة في كلتيهما، إلا إذا جددت تلك الإفادات والأذونات.
Página desconocida