Minhaj Muttaqin
كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)
Géneros
والجواب يقال: أثبتوا أن العلة في قدرته تعالى على الإعادة هي قدرته على الإحداث ولا سبيل إلى ذلك، والفرق عندنا أنه قادر لذاته، وأحدنا قادر بقدرة والقدرة لا تتعلق على التفصيل إلا بمقدور واحد، وبعد فالسؤال لهم في الكسب، وبعد فهم قاسوا الشاهد على الغائب، وهو عكس الصواب، وبعد فليس من قدر على إيجاد شيء قدر على إعادته، فإن في أفاعال الباري تعالى ما يستحيل إعادته وهو ما لا يبقى في المتولدات، أما ما لا يبقى فلأنه لو صحت إعادته لانقلب باقيا لأنه يصير له في الوجود وقتان، وإذا صحا مع تحلل وقت عدم صحا على جهة التوالي من حيث أنه إذا تعدى في الوجود الوقت الأول إلى الثالث والرابع وما بعدهما صح تعديه إلى الوقت الثاني، ولا تصح الإشارة إلى أمر يحيل ذلك إلا وجوده في الأول، والوجود لا يحيل الوجود، ولو سلمنا أنه يحيل لما كان بأن يحيله في الوقت الثاني أولى من الثالث، وما بعده، فيلزم أن يستحيل أبدا، وفي ذلك ما نريد من استحالة إعادته، وأما المسبب فلأنه لو أعيد لكان إما أن يعاد مبتدأ أو مسببا، والأول باطل؛ لأنه يكون له في الوجود وجهان، والوجهان في الفعل كالفعلين في صحة تعلق أحدهما بقادر، والآخر بقادر آخر، وفي ذلك صحة مقدور بين قادرين، وهو محال، والثاني باطل لأنه إن أعيد بسببه الأول لم يصح لأن من حق السبب أن يكون له في كل وقت مسبب آخر، واما إن يقاد بسبب آخر فيؤدي صحة حصوله سببين إلى صحة تعلقه بقادرين لجواز أن يتعلق أحد السببين بقادر والآخر بقادر آخر، هذا ما ذكره مشائخنا رحمهم الله تعالى في المبتدأ أو المسبب، وهو يمكن أن يعترض، أما المبتدأ فلقائل أن يقول: إن الذي أحال وجوده في الوقت الثاني هو لزوم أن يتغلب باقيا، وهذا المحيل غير حاصل في الوقت الثالث، وما بعده، فلذلك صح من القادر إعادته في الوقت الثالث، أو ما بعده، واستحال في الوقت الثاني، وكلما يتعلق بالقادر إنما يتبع ما يصح دون ما يستحيل.
Página 308