============================================================
الى صوركم وأجسادكم وأبشاركم، وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم "(1).
فالقلب إذن موضع نظر رب العالمين ، فيا عجبا ممن يهتم بوجهه الذي هو موضع نظر الخلق ، فيغسله وينظفه من الأقذار والأدناس ، ويزئنه بما أمكنه؛ لئلا يطلع مخلوق فيه على عيب، ولا يهتم بقلبه الذي هو موضع نظر رب العالمين ، فيطهره ويزينه ويطيبه؛ كي لا يطلع الرث جل ذكره على دنس فيه وشين، وآفة وعيب ، بل يهمله مملوءا بفضائح وأقذار وقبائح لو اطلع الخلق على واحد منها.. لهجروه وتبرؤوا منه وطردوه ! والله المستعان.
الأصل الثالث : أن القلب ملك مطاع ، ورئيس متبع ، والأعضاء كلها تبع له، فإذا صلح المتبوع.. صلح التابع، وإذا استقام الملك.. استقامت الرعية،
يبين ذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن في الجسد مضغة، إذا صلحث.. صلح الجسذ كله، وإذا فسدت. فسد الجسذ كله، ألا وهي القلب "(2).
وإذا كان صلاح الكل في ذلك. . وجب صرف العناية إليه .
الأصل الرابع : أن القلب خزانة كل جوهر نفيس للعبد ، وكل معنى خطير ، أؤلها العقل ، وأجلها معرفة الله تعالى التي هي سبب سعادة الدارين ، ثم البصائر التي بها التقدم والوجاهة عند الله عز وجل ، ثم النية الخالصة في الطاعات التي بها يتعلق ثواب الأبد، ثم أنواع العلوم والحكم التي هي شرف العبد، وسائر الأخلاق الشريفة، والخصال الحميدة التي بها تفاضل الرجال، على ما فصلنا وشرخنا في كتاب " أسرار معاملات الدين" .
وحق لمثل هلذه الخزانة أن تحفظ وتصان عن الأدناس والآفات، وتحرس ل وتحرز من الشراق والقطاع، وتكرم وتجل بضروب الكرامات ؛ لثآلا يلحق تلك
Página 113