Del Traslado a la Creación
من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (٣) الشرح: التفسير – التلخيص – الجوامع
Géneros
ويبحث الفارابي عن المعاني والأشياء والتجارب الشعورية التي وراء العبارات على ما هو معروف بالتأويل في الموروث أي العودة إلى المصدر الأول والأصل. وهو في نفس الوقت على علم بمشكلة الصحة التاريخية للنصوص، ويثبت صحة النص بضرورته لبنية الموضوع واكتمال الكتاب.
22
الشرح نظرية في الإكمال للناقص. كما أنه نظرية في التحقق والبرهنة على صحة قول أرسطو كمعنى وكوثيقة تاريخية وخلق نوع أدبي جديد يذهب إلى الأشياء مباشرة، وتكون قمة الشرح في تحويل النص المقروء إلى عقل خالص ثم نقله إلى البيئة الجديدة، وإيجاد عناصر النقل والجسور المشتركة التي يتم عليها هذا النقل مثل العقل واللغة حتى تنقل حضارة العقل إلى حضارة العقل والوحي في نظرة متكاملة لتواصل الحضارات واشتراكها في حضارة إنسانية واحدة. يصبح النص الأرسطي معقولا أي أنه ينقل داخل حضارته بفعل الشرح من المنقول من أرسطو إلى الفارابي إلى المعقول من أرسطو والفارابي. وبتحليل الألفاظ في الشرح يتم الانتقال من لغة اليونان إلى لغة العرب بمنطق الألفاظ وهو منطق أصولي. تقاس اللغة على الشرح، ويقاس الشرح على المجتمع.
23
مهمة الشرح ابتلاع الموروث كلية داخل الوافد حتى يتجدد دم الموروث، ويتحول إلى حضارة جديدة وارثة للحضارات السابقة حتى يقضي على إرهاب الوافد وإحساس الموروث بالنقص أمامه ويقضي على ازدواجية الثقافة بين الوافد والموروث.
24
بل إن الفارابي يدخل في فكر أرسطو ويعلله، ويربط أجزاءه بعضها بالبعض الآخر، ويوضح ما غمض على أرسطو نفسه فيعلل سبق المقولات للعبارة منطقيا لأن الأولى خالية من السلب والإيجاب في حين أن الثانية بها سلب وإيجاب. الأولى لفظ والثانية قضية. ويعلل بداية فكر أرسطو ونهايته ويحدد مساره الفكري. فليس القصد هو اللفظ أو العبارة أو حتى المعنى أو القصد بل الاتجاه والنسق والرؤية. ويعلل الفارابي أسماء تسميات كتب أرسطو بالرجوع إلى الأشياء ذاتها؛ فالعلة هي التي تعطي الشرعية لوجود الشيء وتجعله واضحا مفهوما. لماذا المقولات هي الطبيعية، الجوهر والأعراض؟ ألا توجد مقولات أخرى، وبهذا التساؤل عن العلة يحدد الفارابي طبيعة فكر أرسطو الطبيعي المتجه نحو الواقع. يربط الأجزاء بعضها ببعض والكتب بعضها ببعض حتى يبدو النسق متكاملا واضحا حتى يمكن التعامل معه بعد ذلك للتأقلم والتكيف مع بيئات ثقافية أخرى.
25
بل إن الفارابي يساعد أرسطو على اكتشاف النص المتكامل، ويجد له الأدلة والبراهين على صحة مواقفه، ويعطيه مزيدا من القرائن من أجل إثبات صحة أفكاره. يدخل في منطق الاستدلال والبرهان وهو المنطق الذي جعل البرهان قمة المنطق وغايته القصوى. المقولات والعبارة والقياس مقدمات له، والجدل والسفسطة والخطابة تخل عنه. ويستطيع الاستدلال أيضا اكتشاف مسار فكر أرسطو وربط أجزاء مذهبه بعضها بالبعض الآخر، ويكون الاستدلال إما بشرح أرسطو ببعضه البعض والعودة إليه، فالكتاب يشرح الكتاب أو باللجوء إلى الموضوع نفسه والتحقق من صدق القول فيه وإلقاء مزيد من الضوء، وبهذه الطريقة تتضح الوحدة الداخلية العضوية لكتاب العبارة.
26
Página desconocida