في الأفراح يفتح كل سنة مستشفى مجانيًا للفقراء، وأثمان علب الملبَّس في الموالد تنشئ كل سنة مدرسة تتسع لخمسمئة تلميذ، وما تُشترى به هذه الثريات الفخمة وهذه التماثيل، وما يُنفَق في الولائم والحفلات وما يُصرَف في الملاهي والموبقات يكفي لسد حاجة كل محتاج.
وأنا لا أقول: دعوا هذا كله؛ فإنكم لن تفعلوا، ولكن اجعلوا من أموالكم نصيبًا لهؤلاء المعذَّبين في الأرض ... زكّوا عن أموالكم فإنكم لا تدرون هل تدوم لكم أو تذهب عنكم.
وهل أخذ أحدٌ على الدهر عهدًا أن لا تحول عنه الحال، وأن لا يذهب من يده المال؟ ومَن الذي جعل لولد الغني الحق في أن يبقى أبدًا سيدًا، يُعطى ما يطلب وينال ما يريد، وكتب على ولد الفقير الفقرَ والشقاء أبدًا؟ ومَن يثق بأنّ ولده لن يحتاج غدًا إلى ولد الفقير، يسأله ويرجو رِفده؟
وإذا وثقتم ببقاء المال، فهل تثقون ببقاء الصحة؟ أتأمنون الأمراض والنوازل والنكبات؟
فاستنزِلوا رحمة الله بالبذل، وادفعوا عنكم المصائب بالصدقات.
وأنا لا أخاطب أرباب الآلاف المؤلفة فقط، بل أخاطب القرّاء جميعًا. إن الناس درجات؛ أمَا تفرح إن أعطاك صاحب الملايين ألف ليرة؟ فأعطِ أنت المُعدَم عشرَ ليرات. إن الليرات العشر له كالألف لك، والألف عند «المليونير» كالعشر عندك.
1 / 33