وبخاصة فقر من خرج من السعة إلى الضيق، ومن الجماعة إلى الوحدة، ومن الكفاية إلى من هو في مثل حاله في فقره، وقلة ذات يده.
نعم ثم [كان] ينتقص بالفقر، ويعير به في وقت قد عم تمكن الإسلام واعتدل بأهله، وقوي بظهوره حين خطب النبي صلى الله عليه وسلم لعلي فاطمة (عليهما السلام)، عيرته قريش بالفقر، وقلة المال، وألقوا ذلك إلى فاطمة (عليها السلام)، حتى شكت/ 22/ إلى أبيها، وقالت: «زوجتني أحدثهم سنا، وأقلهم مالا» (1) فقال لها: إن الله زوجك [منه] (2) من السماء، ولو علم خيرا منه لزوجك منه.
فهيهات هيهات، من يصبر على محنة الفقر أيام حياته، ويقاسي عدم الكفاية أيام بقائه؟ إلا من قلت الدنيا في عينه، وباشر من حقائق الصبر ما سره، وقوى من قمع [هوى] النفس وزمها، وحسن تأديبها على ما قوي عليه، رضي الله عنه وبيض وجهه.
فلذلك أجرى الله على لسانه ينابيع الحكمة،، وعرفه داء الدنيا ودواءها، وما يحل بأهلها من أجل طلبها.
فتدبروا كلامه، وتفهموا صفاته لتعلموا أن المعرفة الثابتة أدته إلى هذه المنزلة [و] هو القائل في صبر العلماء، وما يلقون من مصائب الدنيا في بعض كلامه لكميل بن زياد.
Página 78