والثالثة: أردت أن أحاشيكم إلى مثل هذه الطريقة الواسطة/ 21/ المثلى لنكون نحن وأنتم عليها في النظر فيما اختلفنا فلا نتعدى في المقال، ولا نتعسف الكلام بالدعوى دون الحجة والبيان وترك الإنصاف.
وبالله لقد صدقتكم عن نفسي ومحضت لكم نصحي، ولم أبق لكم علة في مبلغ اجتهادي، وبالله عصمتي وتوفيقي.
ومتى جعلتم الدعوى حجة وسلحتم بالتعسف والمكابرة، تركناكم والرافضة، فقد يقصر دعواكم عند دعواها، وتقلون عن مناظرتها، وتضطركم إلينا فأعينونا على نصحكم بالإنصاف وحسن التفهم، وسأزيدكم في فضيلة السبق شرحا يزيد في إيضاح الحق تبيانا فأحضرونا أفهامكم.
قد تعلمون أن الله امتحن عباده بالشدة والرخاء والنعمة والبلاء ليبلوهم أيهم أحسن عملا.
فمما امتحن به عباده الفقر والغنى فمنزلة علي الفقر، في إسلامه، ومنزلة أبي بكر الغنى في إيمانه. فالغنى نعمة قد أوجب الله الشكر عليها، وفي الشكر عليها منازل:
منها أداء الفرض، ومنها التطوع بأبواب البر، وسد الخلة، ومواسات أهل الحاجة.
والفقر بلية امتحن الله بها الفقير [و] قد أوجب الله الصبر عليها، وللصبر (1) منازل:
منها فرض، ومنها تطوع ..
قلنا: فأبو بكر قد جاز في منزلة الشكر حد الفرض، وصار إلى التنفل بماله، والتطوع بإنفاقه (2).
Página 76