وخلال هذه الفترة الطويلة كنت منصرفًا إلى تحقيق "مسند أبي يعلى الموصلي" الذي نشرته دار المأمون للتراث، وكنت أحيل على تخريجاتي لصحيح ابن حبان ظنًا مني بان العمل سوف يصدر كما قدمته بترقيمي وتخريجي، وما كنت أتصور أن للمراجع حقوقًا كتلك التي جعلها الأخ الشيخ شعيب لنفسه. وفي عام ١٤٠٧هـ الموافق ١٩٨٧ م نشرت دار الكتب العلمية "الإِحسان بترتيب صحيح ابن حبان" كاملًا مع الفهارس، ولكنه غير محقق التحقيق العلمي اللائق بمثل هذا السفر الجليل الذي حاول صاحبه أن يستوعب فيه كل ما صح عن رسول الله ﷺ -فرأيت-وقد اقترح علي بعض الأفاضل- أن تحقيق "موارد الظمآن إلىِ زوائد ابن حبان" أصبح واجبًا عليَّ لأن تحقيق هذا الكتاب يُعد تحقيقًا للإِحسان بكامله إذ الأحاديث الواردة في الإحسان قسمان:
الأول منها: ورد في الصحيحين، أو في أحدهما، وورود هذه الأحاديث فيهما، أو في أحدهما يزيدنا ثقة بصحتها، واطمئنانًا لوجوب الالتزام بما جاء فيها.
الثاني منها: هو ما زاد على ما جاء في الصحيحين، وهو ما جمعه الحافظ الهيثمي في "موارد الظمآن" بعد أن رتبه على أبواب الفقه. وهذا القسم من الأحاديث هو الذي يحتاج إلى البحث الدقيق، والتحقيق الجاد، والتأني في الحكم على الأسانيد لبيان حالها.
ولذلك فإنني قد عزمت- معتمدًا على الله تعالى- على تحقيق هذا الكتاب، مقدمًا له بهذه الدراسة القديمة- الحديثة، التي سميتها "مقدمة التحقيق" بنصها الذي قدمته إلى مؤسسة الرسالة في التاريخ المدون في نهايتها، والله ولي التوفيق.
1 / 8