الرابع والعشرون: مما يدل على فساد هذه المقالة، أن أصحاب مالك لا يعرفونها عنه ولا يعولون عليها، أعني قول القائل: لا بأس بإفساد الثلث في صلاح الثلثين. ما وقع للقاضي ابن رشد رحمه الله في كتاب الأسئلة. وهذا فقد قال: وأم السؤال عن العدو أهلكه الله، لو قدم البيت الحرام، أو قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال للمسلمين: أما دفعتم إلينا رجلا منكم، يسمونه، وإلا هدمنا البيت ونبشنا نبيكم. فهي من المسائل التي بثها في الناس أهل الزيغ والتعطيل، حتى يلزموهم بزعمهم قتل النفس المحرمة، واستباحة حرمة النبي صلى الله عليه وسلم، فيسخروا بهم وبدينهم. والنبي صلى الله عليه وسلم اكرم على الله من أن يمكن أعدائه الكفرة من استباحة حرمته ونبشه من مضجعه، وكما عصمه الله عز وجل ممن أراد سوءا او مكروها في حياته ، فكذلك عصمه ممن أراد استباحة الشيء من حرمته بعد وفاته، ويهلك من تعرض إلى شيء من ذلك، ولو يصلوا إلى قبره، والله يعيذ من ذلك، لهابوه وعظموه وحفظوه وتمسحوا بترابه واستشفعوا بضريحه. الا ترى أن الروم إلى اليوم على قبر أبي أيوب الأنصاري(¬1)يستصبحون ويستسقون إذا اجذبوا لمكانه من النبي صلى الله عليه وسلم، فكيف به صلى الله عليه وسلم (27-187/ب).
ولما وقع السؤال عن هذا، امتنع بفضل الله المحال، ولم يكن به من الجواب عن رفع شبهة من رام الطعن في الدين، لأن ذلك لا يخشى وقوعه بفضل الله ومنته، فيفتقر إلى معرفة الحكم.
Página 153