فإذا كان أكثر المسلمين وصدورهم الأكرمون عند الله يمنعون من قتل الكافرين، وهو واجب عليهم، خشية أن يصيبوا مومنا خطأ، فكيف يستجيز مسلم بعد هذا أن يقول أثرا، او ذاكرا مفتيا، أو مشيرا أو مذاكرا: لا بأس بفساد الثلث في صلاح الثلثين؟
السادس عشر: أن النبي صلى الله عليه وسلم يجب على كل مومن أن يفديه بنفسه وأن يحميه بها، لو كان من شوكة تصيبه كما قال خباب(¬1)، وقد هيء للقتل فقيل: أتحب محمدا مكانك وأنت في أهلك؟، فقال: والله ما سرني أني في أهلي ويشاك محمد صلى الله عليه وسلم بشوكة.
وما كان يلاقي عليه الصلاة والسلام من المشركين في ذات الله من القتال والأذى بكل وجه أمكنهم أعظم من الشوكة، فأي مصلحة أعظم من وقاية النبي صلى الله عليه وسلم ونصرته وخلاصه من أعدائه، وإهلاك من بمكة من الضعفاء بالنسبة إلى هذه المصالح، لو كان الهلاك محققا، فضلا عن كونه مظنونا أو مشكوكا أو متوهما؟.
فإذا لم يجز فساد المشركين خوف إصابة هذا النزر القليل، لأجل وقاية محمد النبي صلى الله عليه وسلم، الذي ارتفع قدره عن جميع العالمين، فكيف تسمع الآذان قول من ألقى على لسانه الشيطان: لا بأس بفساد الثلث في صلاح الثلثين.(¬2).
Página 149