ومن المعلوم في هذا من قول القائل والعياذ بالله لا بأس بإفساد الثلث في صلاح الثلثين يقتضي العموم، لو كان فساد الثلث محققا وصلاح الثلثين مضنونا. وهذا قول خارج عن دين الإسلام.(¬2) وبيانه من الآية، أن صلاح دين الإسلام والمسلمين على كثرتهم بتعذيب الكفار أمر قطعي، وهلاك من كان فيهم من ضعفاء المؤمنين عند قتالهم أمر قد يكون أو لا يكون، ولذلك يقدرون، أعني علماء اللسان والمعاني وأهل التفسير، في مثل هذا التركيب، خشية أن يصيبوهم، فان كان أقل قليل يخشى فساده مع عدم تحققه، ولا يجوز إفساده لأجل صلاح أكثر الكثير مع تحققها، فكيف يجوز اهلاك الثلث محققا لاجل صلاح الثلثين المضنون أو المحقق، وكيف يجترئ المرء أن ينقل هذا عن إمام العلماء، ثم يجعله أصلا من أصول فتواه. فانا لله وأنا إليه راجعون على فقد العلماء. "ان الله لا يقبض العلم انتزاعا، ولكن ينزعه بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالم، اتخذ الناس رؤساء جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا"(¬1).
Página 147