درجة، ومن قال: إنه ألقى إلى جبرائيل معاني وعبر بالعربي فمعناه أنه ألهمه إلهاما، وهذا يكون لآحاد المؤمنين كقوله: ﴿وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ﴾ ١، ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى﴾ ٢، فيكون هذا أعلى من أخذ محمد. وأيضا فإنه سبحانه قال: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ﴾ ٣ إلى قوله: ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾ ٤، وهذا يدل على أمور: على أنه يكلم العبد تكليما زائدا على الوحي الذي هو قسيم التكليم الخاص؛ فإن لفظ التكليم والوحي كل منهما ينقسم إلى: عام وخاص؛ فالتكليم العام هو المقسوم في قوله: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا﴾ ٥ الآية؛ فالتكليم المطلق قسيم الوحي الخاص، لا قسما منه؛ وكذلك الوحي يكون عاما فيدخل فيه التكليم الخاص، كقوله: ﴿فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى﴾ ٦، ويكون قسيما له كما في الشورى. وهذا يبطل قول أنه معنى واحد قائم بالذات، فإنه لا فرق بين العام، وما لموسى، وفرق سبحانه في الشورى بين الإيحاء، وبين التكليم من وراء حجاب، وبين إرسال رسول فيوحي بإذنه ما يشاء.
(٩٠) ثبت أنه يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب،
وأن يجمع بين المرأة وعمتها، وخالتها، فقال طائفة: هذا نسخ للقرآن؛ فإن أرادوا النسخ العام الذي هو تقييد المطلق فصحيح، وإن أرادوا النسخ الذي هو رفع الحكم فضعيف، فإنه لم يثبت أن الله أراد بقوله: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ
_________
١ سورة المائدة آية: ١١١.
٢ سورة القصص آية: ٧.
٣ سورة النساء آية: ١٦٣.
٤ سورة النساء آية: ١٦٤.
٥ سورة الشورى آية: ٥١.
٦ سورة طه آية: ١٣.
1 / 75