﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً﴾ ١ الآية، فالكلمة الطيبة هي التوحيد، وهي كالشجرة، والأعمال ثمارها في كل وقت، وكذلك السيئة هي العمل لغير الله، وهذا هو الشرك. فإن الإنسان حارث همام لا بد له من عمل، ولا بد له من مقصود يعمل لأجله، وإن عمل لله ولغيره فهو شرك، والذنوب من الشرك؛ فإنها طاعة للشيطان، قال: ﴿إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ﴾ ٢ الآية، و﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ﴾ ٣ الآية، وفي الحديث: "وشر الشيطان وشركه" ٤، لكن إذا كان موحدا وفعل بعض الذنوب، نقص توحيده كما قال: "لا يزني الزاني" إلخ. ومن ليس بمؤمن فليس بمخلص، وفي الحديث: "تعس عبد الدينار" ٥ إلخ، وحديث أبي بكر "قل: اللهم أني أعوذ بك أن أشرك بك شيئا وأنا أعلم" إلخ، لكن لم يعدل بالله غيره فيحبه مثل حب الله، بل الله أحب إليه، وأخوف عنده، وارجأ من كل مخلوق، فقد خلص من الشرك الأكبر.
ومنها قوله: ﴿بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ﴾ ٦ الآية، ذكر أن المشهور أن السيئة الشرك، وقيل: الكبيرة يموت عليها، قاله عكرمة. قال مجاهد: هي الذنوب فتحيط بالقلب، قلت: الصواب ذكر أقوال السلف، وإن كان فيها ضعيف فالحجة تبين ضعفه، فلا يعدل عن ذكر أقوالهم لموافقتها قول طائفة من المبتدعة، وهم ينقلون عن بعض السلف أن هذه
_________
١ سورة إبراهيم آية: ٢٤.
٢ سورة إبراهيم آية: ٢٢.
٣ سورة يس آية: ٦٠.
٤ الترمذي: الدعوات (٣٣٩٢)، وأبو داود: الأدب (٥٠٦٧)، وأحمد (٢/٢٩٧)، والدارمي: الاستئذان (٢٦٨٩) .
٥ البخاري: الجهاد والسير (٢٨٨٧)، والترمذي: الزهد (٢٣٧٥)، وابن ماجه: الزهد (٤١٣٦) .
٦ سورة البقرة آية: ٨١.
1 / 68